الأحد، 26 أبريل 2009

لا نستحق هذا الوطن


لا نستحق هذا الوطن

عذرا أستاذى الفاضل المحترم الشاعر الأديب المهذب الجميل الذى جمع من الصفات ما جذب القلوب لحبه .. فاروق جويدة .. سأستعير عنوان مقالك الذى نعيت فيه للأمة موت الذوق العام وانتحار الأسلوب المهذب ..
نحن فعلا لا نستحق هذا الوطن .. وكان من شديد الأسف أن يكون رموز الوطن هم من أهدروا كرامته وأباحوا حرمته وجعلوا من ثقافته وتاريخه مهازل يندى لها الجبين ..

فلا عجب أن يلقى رئيس الوزراء الأسبق دكتور القانون على لطفى قصيدة شعر فى حفل تكريم للأستاذ الدكتور فتحى سرور يحضره ممثلون عن الدول وسفراء ووزراء، يصفه فيها بـ"الديك"، والشعب المصرى بـ"الفرخة" ولنا أن نتخيل العلاقة بينهما، ولا عجب أن يصف كلامه بـ"المزيكا" وأنه مخترع قوانين "الفبريكا" وأنه حتى "بتاع بوليتيكا" مادامت العملية أصبحت "بوليكا".

نعم سيدى لقد أصبحنا فى عصر البهلونات و" الحبشتكنات" و "الشيكابيكا" و " الشىء لزوم الشىء " وأصبح المجتمع المصرى بهذه المصطلحات يعيش حالة من "الهرتلة" والفراغ الثقافى تنخر فى عقول أبنائه كسوس النخل ـ سوس النخل هذا يقوم بتدمير النخلة من الداخل برغم أنها تظل قائمة وتثمر لكن فجأة تهوى ساقطة بعد أن يصل هذا السوس إلى جذورها ـ لقد أصبحنا نحرص على رغيف الخبز أكثر من الكتاب، نحرص على الجنيه لنشترى به طعاما أو دواء لتبقى أجسادنا قائمة قادرة على العيش .. لا يهمنا ولا يهم من أرادوا لنا ذلك أن يكون العقل خاويا من الفكر والثقافة والإبداع والابتكار بقدر ما يهمنا أو يهمهم أن تكو ن البطون مليئة بما لذا وطاب والبنوك بما نهب من حلال أو حرام .. لا فرق ..

أصبحنا نحرص على الحياة مهما كانت تفاهتها ..
لا يهمنا أن نؤذى الآخر ما دُمنا فى سلام .. لا يهمنا أن نظلم ما دمنا فى أمان ونأخذ حقنا نهبا أو طواعية أو حتى تحت تهديد السلاح .. لا يهمنا أن يدنس النيل بأفعالنا وتصرفاتنا وهفواتنا وذنوبنا التى بلغت مداها ونحن نظن أننا رؤوس العالم وأصحاب الحضارة والحقيقة أننا أذناب الشعوب وأدناها ..

لا يهمنا أن ندوس بأقدامنا فوق جثث الناس لنصعد لمنصب أو وظيفة أو حفنة من المال أو حتى للحصول على رغيف خبز .. لا يهمنا أن يموت الناس جميعا إلا " أنا " .. " أنا " التى تحكمت فينا ونأت بنفسها عن كل القيم والمبادئ والأخلاق وأباحت كل ما هو حرام فى سبيل الـ " أنا "..!!

ماذا تنتظر يا سيدى من شعب دفن رأسه فى الرمال وقال " وأنا مالى .. ويا حيط دارينى .. وما دام بعيد عنى " وألفاظ كثيرة زرعت فينا الوهن والضعف والكسل وكل أنواع الهوان .. ماذا تنتظر من شعب ضاع الحق بينهم .. ماذا تنتظر من شعب آثر السلامة ومشى فى سكة الندامة ـ كما يقولون فى الأمثال .. ماذا تنتظر من شعب ظل يؤله الحكام حتى صاروا قابوسا يُجسم على صدورهم ويُكبلهم بتعاويز وطقوس جعلتهم عبيدا لهم ؟

ماذا تنتظر من شعب تفرقه عصا ويجمعه "ربع جنيه " .. ماذا تنتظر أن يكون حال الوطن وكل ما فيه أصبح غير صالح للاستخدام الآدمى حتى البشر .. ماذا تنتظر أن يكون حال الوطن وكل ما فيه أصبح فاسدا .. ماذا تنتظر من شعب تنازل عن كل حقوقه مقابل أن يعيش .. يعيش فقط ! وياليته عاش مثل باقى البشر ؟!

ماذا تنتظر من شعب ينام نصف يومه والنصف الباقى يقضيه أمام الدش والقنوات الإباحية .. ماذا تنتظر من شعب ضاع شبابه فى متاهات الفساد المنتشر فى كل شبر من أرض الوطن .. ماذا تنتظر من شعب أصبح أثرا بعد عين ؟!


ماذا تنتظر من شعب نسبة الانتحار فيه خلال أربع سنوات وصلت إلى 12 ألف مصرى أغلبهم شباب، وكانت البطالة والفقر والديون أسبابا رئيسية، لذلك حذر الخبراء من أن ثورة الجياع قادمة، وأن المصريين يتحملون الضغوط السياسية لكنهم يرفضون الجوع، وأنه يجب على الحكومة أن تعيد حساباتها وتشعر بمعاناة المواطنين وبرغم ذلك لا فائدة ..!

الشعب يا سيدى يعانى خللا وحالة من الاغتراب سادت المجتمع نتيجة الفوارق الاقتصادية والطبقية الموجودة .. فهناك طبقة تتسيد المجتمع وتنفق ببذخ شديد وسفه لا حدود له وتسيطر على مقدرات الحياة الاقتصادية فى مصر بشكل أو بآخر وباقى الشعب مغلوب على أمره.


أزمتنا يا سيدى .. أزمة أخلاق .. أزمة ضمير .. أزمة خوف من الآخر وتصويره على أنه بعبع .. أزمتنا أزمة تربية .. أزمة حب وانتماء للوطن لم تعد فينا ولا بيننا .. أزمتنا أزمة ذوق وأدب وحسن تعامل وتحمل مسئولية .. أزمتنا أزمة شباب فقد الأمل فى مستقبله وفضل الجلوس على المقاهى والوقوف على نواصى الشوارع لمعاكسة "خلق الله" .. أزمتنا أزمة احترام فلم يعد الصغير يحترم الكبير، ولا الكبير يرحم الصغير .. عدنا لغابر الأزمان كالقطيع المنقاد بالعصى ..!!!!

نحن يا سيدى بقايا مصريين .. بقايا بشر صنعوا أمجادا وحضارات .. لسنا مصر (طِيبة ) ولا (عين جالوت ) ولا (حطين) ولا (19) ولا (48) ولا (52) ولا (73) .. نحن بقايا وطن .. بقايا شعب .. بقايا بشر كانوا فى يوم من الأيام أسياد العالم.

قائمة المدونات الإلكترونية