الأحد، 13 سبتمبر 2009

المشعر الحرام


أماكـن في القرآن


المشعـر الحـرام


علي جاد

من الأماكن المقدسة التى يذهب إليها الحجاج ضمن مناسك الحج، وهو منطقة تقع بالقرب من مكة جنوب شرق "منى"، وبين "منى" وجبل عرفة وهو جبل فى آخر المزدلفة، ويعد المشعر الحرام، كما سماه الله عز وجل فى القرآن من الأماكن المقدسة التى ذكرها القرآن، بل جعله سبحانه وتعالى من مناسك فريضة الحج.

قيل هو جبل فى آخر المزدلفة يقال له "قزح" يذكر الحجاج ربهم عنده بعد المبيت بمزدلفة، والمزدلفة عبارة عن واد يمتد من "محسر" غربا إلى "المأزمين" شرقا، طوله نحو أربعة آلاف متر، وسمي بذلك لأن الناس يأتون إليه في زلف، ويقوم الحجاج بجمع الحصيات لرمى الجمار بـ"منى" خلال الأيام التالية، ويمكث بها الحجاج حتى صباح اليوم التالى يوم عيد الأضحى، وتعد المنطقة بأكملها موقفا عدا وادى محسر.

".. فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين .." سورة البقرة آية (198)

معنى المشاعر أى المعالم، من قول القائل : "شعرت بهذا الأمر" أي علمت، فـ "المشعر" هو المعلم وسمي بذلك؛ لأن الصلاة عنده والمقام والمبيت والدعاء، من معالم الحج وفروضه التي أمر الله بها عباده، ورد عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه صلى الفجر بالمزدلفة وركب ناقته حتى أتى المشعر الحرام فدعا وكبر وهلل ولم يزل واقفا حتى أسفر، قال القرطبى وابن كثير فى تفسيريهما لهذه الآية إن المشعر هو مزدلفة كلها الجبل وما حوله، وقد أمر الله تعالى المسلمين إذا أفاضوا من عرفة أن يذكروه سبحانه وتعالى فيها بصلاتى المغرب والعشاء جمع تأخير، وقوله عند المشعر الحرام معناه: مما يلي المشعر الحرام قريبا به، وذلك للفضل، كالقرب من جبل الرحمة، وإلا فالمزدلفة كلها موقف إلا وادي محسر، وجعلت أعقاب المزدلفة لكونها في حكم المشعر ومتصلة به عند المشعر، وسميت المزدلفة وجمعا؛ لأن آدم اجتمع فيها مع حواء وازدلف منها، أي دنا منها، وقال قتادة: لأنه يجمع فيها بين الصلاتين، ويجوز أن يكون وصفت بفعل أهلها لأنهم يزدلفون إلى الله تعالى، أي يتقربون بالوقوف فيها.

والوقوف بمزدلفة يستحب فيه الإكثار من الدعاء والتلبية وذكر الله سبحانه وتعالى، وذكر ابن كثير فى تفسيره للآية الكريمة أن النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ ظل واقفا بعرفة حتى غربت الشمس وبدت الصفرة قليلا حتى غاب القرص وأردف أسامة خلفه ودفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد شد زمام القصواء حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله، ويقول بيده اليمنى " أيها الناس : السكينة السكينة " وكلما أتى جبلا من الجبال أرخى لها قليلا حتى تصعد، حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ولم يسبح بينهما شيئا ثم اضطجع حتى طلع الفجر فصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان وإقامة ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة فدعا الله وكبر وهلل ووحد، فلم يزل واقفا حتى أسفر ـ في صحيح مسلم.

وكان صلى الله عليه وسلم في المناسك والأعياد يذهب من طريق ويرجع من أخرى فدخل من الثنية العليا وخرج من الثنية السفلى، ودخل المسجد من باب بني شيبة وخرج بعد الوداع من باب حزورة اليوم، ودخل إلى عرفات من طريق ضب وخرج من طريق "المأزمين"، وأتى إلى جمرة العقبة - يوم العيد - من الطريق الوسطى التي يخرج منها إلى خارج منى ثم يعطف على يساره إلى الجمرة ثم لما رجع إلى موضعه بمنى الذي نحر فيه هديه وحلق رأسه رجع من الطريق المتقدمة التي يسير منها الناس اليوم، فيؤخر المغرب إلى أن يصليها مع العشاء بمزدلفة ولا يزاحم الناس، بل إن وجد خلوة أسرع فإذا وصل إلى المزدلفة صلى المغرب قبل تبريك الجمال إن أمكن ثم إذا بركوها صلوا العشاء، وإن أخر العشاء لم يضر ذلك ويبيت بمزدلفة، ومزدلفة كلها يقال لها المشعر الحرام وهي ما بين مأزمي عرفة إلى بطن محسر، كما أوضح ابن تيمية فى كتابه " فتاوى ابن تيمية"، وقال من السنة المبيت بمزدلفة إلى أن يطلع الفجر فيصلى بها الفجر في أول الوقت ثم يقف بالمشعر الحرام إلى أن يسفر قبل طلوع الشمس، فإن كان من الضعفة كالنساء والصبيان ونحوهم فإنه يتعجل من مزدلفة إلى منى إذا غاب القمر، وينبغي لأهل القوة ألا يخرجوا من مزدلفة حتى يطلع الفجر فيصلوا بها الفجر ويقفوا بها، ومزدلفة كلها موقف لكن الوقوف عند قزح أفضل وهو جبل" الميقدة"، وهو المكان الذي يقف فيه الناس اليوم، وقد بني عليه بناء وهو المكان الذي يخصه كثير من الفقهاء باسم المشعر الحرام.

عن عائشةـ رضى الله ـ عنها قالت : " كانت قريش ومن دان دينها يقفون بالمزدلفة، وكانوا يسمون الحمس، وكان سائر العرب يقفون بعرفات، فلما جاء الإسلام أمر الله نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يأتى عرفات، ثم يقف بها ثم يفيض، فذلك قوله من حيث أفاض الناس" فى البخارى وشرح النووى، قال القرطبى :‏ ‏أي اذكروه بالدعاء والتلبية، ويسمى "جمعا" لأنه يجمع فيه المغرب والعشاء، وسمي مشعرا من الشعار وهو العلامة، لأنه معلم للحج والصلاة والمبيت به، والدعاء عنده من شعائر الحج، ووصف بالحرام لحرمته.

نشرت يوم الخميس 20 رمضان 1430 هـ / 10 - 9 - 2009

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قول وعبر .. ما تخافشى السكات هو اللى يخوف:

قائمة المدونات الإلكترونية