الثلاثاء، 8 سبتمبر 2009

مدين


أماكـن في القـرآن 



مَــدْيَنَ


على جاد


اليوم نحن فى مدين .. بلدة قديمة ذُكرت فى القرآن الكريم عشر مرات، ثلاث منها خاصة بنبى الله شعيب، وخمس مرات خاصة بسيدنا موسى، وتقع بين طبرية وعكا ببلاد الشام
تلقاء غزة، يمتد ساحلها على طول خليج العقبة لمسافة حوالي 200 ميل إلى الجنوب، ومن رأس الخليج إلى الشمال نحو 36 ميلا، اشتق اسمها من مدن وتعنى الإقامة بالمكان وهى اسم أعجمي، وسُميت بذلك نسبة إلى مدين أو مديان بن إبراهيم، وكان قد اتخذها لنفسه مسكنا فنسبت إليه، وقد عاش مدين عمرا طويلا، وتزوج امرأة ولدت له أربعين بنين، فكثر عددهم في حياة مدين نفسه، ويروى أنه أمرهم ببناء مدينة حصينة سموها مدين .. وفي موضع مدين اليوم العديد من الخرائب والآثار الدالة على ازدهار المنطقة في عصور سابقة، وتشهد على ما مرت به من أحداث وتطورات، وتشمل الآثار مبان وبقايا قصور ومعابد وقبور وأدوات فخارية ومعدنية وحجرية، وهناك مكان يعرف بمصلى شعيب، وآثار نبي الله شعيب المعروفة بمغاير شعيب، وبه مجموعة من القبور القديمة.

"وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ" (الأعراف 85).

ذكر المقريزي أنه كان بأرض مدين عدة مدائن قد باد أهلها وخربت وبقيت منها إلى أيامه عام 825هجرية نحو الأربعين مدينة قائمة، منها ما يعرف اسمه ومنها ما قد جهل اسمه، وقال القرطبى إن مدين اسم بلد وقطر، وهم من ولد مدين بن إبراهيم الخليل ـ عليه السلام، ويروى أنه كان ابن بنت لوط، وقيل : كان زوج بنت لوط واختلف في نسبه، فقال عطاء وابن إسحاق: شعيب هو ابن ميكيل بن يشجر بن مدين بن إبراهيم عليه السلام، وكان اسمه بالسريانية بيروت، وأمه ميكائيل بنت لوط، وَشُعَيْب تصغير شَعْب أَو شِعْب، وقال قتادة : هو شعيب بن صفوان بن عيفاء بن ثابت بن مدين بن إبراهيم، ولأهل مدين في القرآن اسم آخر، هو"أصحاب الأيكة". ‏

في أرض مدين كهف كان يأوي إليه شعيب عليه السلام، وفيها جبال كثيرة وكهوف ومغارات تحت الأرض، وجدت فيها عظام بالية عليها رواسخ مبنية، وهم قوم شعيب عليه السلام الذين أهلكهم الله تعالى، كما أن مدين شهدت عددا من الدول والممالك والأحداث التاريخية، ابن كثير فى تفسيره قال إنهم من سلالة مدين بن إبراهيم وشعيب، ومدين تطلق على القبيلة وعلى المدينة وهي التي بقرب معان من طريق الحجاز قال الله تعالى " ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون " وهم أصحاب الأيكة، " قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره " هذه دعوة الرسل كلهم " قد جاءتكم بينة من ربكم" أي قد أقام الله الحجج والبينات على صدق ما جئتكم به ثم وعظهم في معاملتهم الناس بأن يوفوا المكيال والميزان ولا يبخسوا الناس أشياءهم، أي لا يخونوا الناس في أموالهم ويأخذوها على وجه البخس، وهو نقص المكيال والميزان خفية وتدليسا، وكان أهل مدين كفاراً، يقطعون السبيل ويخيفون المارة، ويعبدون الأيكة ـ وهي شجرة من الأيك حولها غيضة ملتفة بها ـ وكانوا من أسوأ الناس معاملة، يبخسون المكيال والميزان، ويطففون فيهما، يأخذون بالزائد ويدفعون بالناقص.

كان أهل مدين يدّعون أنهم لا يفهمون قول شعيب وأنه فيهم ضعيفا ذليلا، حتى قالوا له إن عشيرتك ليسوا على دينك ولولا معزتهم علينا لرجمناك، قيل إن شعيب كان أعمى، وقال بعض المفسرين أنه كان به ضعف فى البصر، القرطبى أورد قولين فى تسميت مدين بهذا الاسم أحدهما أنهم بنو مدين بن إبراهيم، فقيل مدين والمراد بنو مدين كما يقال مضر والمراد بنو مضر، والثانى أنه اسم مدينتهم فنسبوا إليها، وكانوا مع كفرهم أهل بخس وتطفيف، كانوا إذا جاءهم البائع بالطعام أخذوا بكيل زائد، واستوفوا غاية ما يقدرون عليه وظلموا، وإن جاءهم مشتر للطعام باعوه بكيل ناقص، وشحوا له غاية ما يقدرون، فأمروا بالإيمان إقلاعا عن الشرك، وبالوفاء نهيا عن التطفيف، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ما أظهر قوم البخس في المكيال والميزان إلا ابتلاهم الله بالقحط والغلاء )، وكان مما ينهاهم عنه وعُذبوا لأجله قطع الدنانير والدراهم، فكانوا يقرضون من أطراف الصِّحَاح لِتفْضُل لهم القُرَاضَة، وكانوا يتعاملون على الصِّحَاح عدًّا وعلى المَقْرُوضَة وزنا، وكانوا يبخسون في الوزن.

لم يكن فى أهل مدين من يهديهم إلى الحق، فكان الكل يعمل بالغش والتدليس، وعندما جاءهم من ينبههم كذبوا وتهكموا، فأخذت الذين ظلموا الصيحة من السماء أخمدتهم فأهلكتهم بكفرهم بربهم، وقيل إن جبريل عليه السلام صاح بهم صيحة أخرجت أرواحهم من أجسامهم، هذا قول الطبرى فى عذابهم، قال ابن عباس : ما أهلك الله أمتين بعذاب واحد إلا قوم صالح وقوم شعيب، أهلكهم الله بالصيحة، غير أن قوم صالح أخذتهم الصيحة من تحتهم، وقوم شعيب أخذتهم الصيحة من فوقهم، وقد جمع الله عليهم أنواعاً من العقوبات وصنوفاً وأشكالاً من البليات، وذلك لما اتصفوا به من قبيح الصفات، سلط الله عليهم رجفة شديدة أسكنت الحركات، وصيحة عظيمة أخمدت الأصوات، وظلة أسقطت عليهم شرر النار من سائر أرجائها والجهات فأهلكوا.

نشرت يوم الاثنين 3 رمضان 1430 .... 24 / 8 / 2009


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قول وعبر .. ما تخافشى السكات هو اللى يخوف:

قائمة المدونات الإلكترونية