الأحد، 13 سبتمبر 2009

عيون موسى






أماكن فى القرآن

عيون موسى

علي جاد

مكان حدثت به الكثير من معجزات نبى الله موسى ـ عليه السلام ـ منها عيون الماء التى تفجرت من الصخور بضربة من عصاه، حيث أوحى الله له أن يضرب بعصاه الحجر بعد أن طلب منه قومه الماء، فانفجرت اثنتا عشرة عينا، وذهبت أراء كثيرة فى ماهية هذه العيون وأين كان مكانها وقت تفجرها ؟ وأين هى الآن ؟! وهل مازال الماء يتفجر منها أم جفت ؟ وهل كانت معجزة فى وقتها وانتهت بانتهاء سببها ؟ أسئلة كثيرة اجتهد العلماء والمفسرون فى الإجابة عنها، كان أقربها أن هذه العيون تقع فى سيناء على بعد 15 كيلو مترا شرق السويس، وتحديدا على الضفة الشرقية من خليج السويس، فى منطقة تعرف اليوم باسم "عيون موسى" وتبعد ٦٠ كيلو مترا عن نفق الشهيد أحمد حمدي، وقد أهملت هذه المنطقة وتعرضت آبار "عيون موسي" الأثرية إلي جفاف ٥ منها، فيما سكنت الطحالب وأشجار البوص بقية الآبار الـ٧ إلى أن انتبهت لها وزارة الثقافة المصرية فقررت البدء في إحيائها، وتحويلها إلى مزار سياحي، نظرا لأهميتها التاريخية والدينية، بعد أن تعرضت للتدمير على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي لسيناء بعد عام 1967.

"وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا.." سورة البقرة آية (60)

قوم موسى هم بنو إسرائيل الذين قضى الله عليهم التيه وظلل عليهم الغمام، وأنزل عليهم المن والسلوى، وجعل لهم ثيابا لا تبلى ولا تتسخ، وأنعم عليهم من فضله وكرمه وأعطاهم ما لم يعط أحدا، وبرغم ذلك عصوا وفسقوا وسعوا فى الأرض فسادا، وكانت فيهم هذه المعجزة وهى تفجر الصخور بالماء ليشربوا بعد عطش كاد يهلكهم، يذكر الطبرى فى تفسيره لهذه الآية عن ابن عباس، قال :" جعل بين ظهرانيهم حجرا مربعا، وأمر موسى فضرب بعصاه الحجر، فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا في كل ناحية منه ثلاث عيون، لكل سبط عين، لا يرتحلون خطوة إلا وجدوا ذلك الحجر معهم بالمكان الذي كان به معهم في المنزل الأول" ـ وفى هذا الكلام خلاف سنذكره ـ فقيل لهم :" كلوا واشربوا من رزق الله"، أمر من الله جل ثناؤه بأكل ما رزقهم في التيه من المن والسلوى، وبشرب ما فجر لهم من الماء من الحجر الذي لا قرار له في الأرض، ولا سبيل إليه إلا لمالكيه، يتدفق بعيون الماء ويزخر بينابيع المياه العذبة بقدرة ذي الجلال والإكرام، ثم تقدم جل ذكره إليهم مع إباحتهم ما أباح، وإنعامه بما أنعم به عليهم من العيش الآمن، ونهاهم عن السعي في الأرض فسادا واستكبارا".

وفى تفسير هذه الآية آراء كثيرة، فقيل إنه حجر فى جبل الطور بسيناء مصر، وآخر لم يحدد للحجر مكانا بعينه وأنه كان يجف بعد أن يتركونه، وفى تفسير "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبى قال إن العين‏: هى‏ الثقب في المزادة، والعَين من الماء مشبهة بالعين من الحيوان لخروج الماء منها كخروج الدمع من عين الحيوان‏،‏ وقيل‏:‏ لما كان عين الحيوان أشرف ما فيه شبهت به عين الماء لأنها أشرف ما في الأرض‏، لما استسقى موسى ـ عليه السلام ـ لقومه أمر أن يضرب عند استسقائه بعصاه حجرا قيل مربعا طوريا من الطور على قدر رأس الشاة يلقى في كسر جوالق ويرحل به، فإذا نزلوا وضع في وسط محلتهم، وذكر أنهم لم يكونوا يحملون الحجر لكنهم كانوا يجدونه في كل مرحله في منزلته من المرحلة الأولى، وهذا أعظم في الآية والإعجاز‏،.

وقيل‏:‏ إنه أطلق له اسم الحجر ليضرب موسى أي حجر شاء وهذا أبلغ في الإعجاز‏،‏ وقيل‏:‏ إن الله تعالى أمره أن يضرب حجرا بعينه بينه لموسى ـ عليه السلام ـ ولذلك ذكر بلفظ التعريف‏،‏ قال سعيد بن جبير‏:‏ هو الحجر الذي وضع عليه موسى ثوبه لما اغتسل وفر بثوبه حتى برأه الله مما رماه به قومه‏،‏ وقال ابن عطية‏:‏ ولا خلاف أنه كان حجرا منفصلا مربعا تطرد من كل جهة ثلاث عيون إذا ضربه موسى وإذا استغنوا عن الماء ورحلوا جفت العيون.

وقد ذاعت شهرة عيون موسى التاريخية منذ العصور القديمة، إذ كانت في العصور الوسطى منطقة للحجر الصحي للحجاج القادمين من الأراضي الحجازية قبل الدخول إلى السويس والقاهرة، وتضم المنطقة آثارا نادرة ترجع إلى عصور مختلفة، والحفريات التي جرت بها أخيرا كشفت عن 6 آبار أثرية ترجع للعصر الروماني، إضافة إلى قنوات للري تم تشييدها من الأواني الفخارية، وأفران مشيدة بالطوب الأحمر تعود لنفس العصر، وعيون موسى تتميز مياهها العذبة بتوافر بعض الأملاح المعدنية التي لها صفات علاجية خاصة، كأملاح الصوديوم والماغنسيوم التي تلعب دورا كبيرا في علاج أمراض الكلى والجهاز البولي.

وذكر ابن خلدون فى كتابه" العبر وديوان المبتدأ والخبر" إن موسى كان يقرع لهم أقرب حجر فتنفجر منه عيون، فتهامسوا بينهم قائلين إن فقد موسى عصاه متنا عطشا، فأوحى الله إليه بأن يكلم الحجارة فتعطيه، فقالوا : كيف بنا إذا رحلنا إلى أرض ليس فيها حجارة ؟ فأمر الله موسى أن يحمل معه حجرا فحيثما نزل ألقاه ! إلخ .. وهذا من الخرافات، ليس لها أصل عند اليهود ولا عند المسلمين واستدل بذلك على أن بنى إسرائيل كانوا ألوفا فكيف يشرب مئات الألوف أو الملايين من حجر صغير يحمل؟! والله أعلم.

نشرت يوم الأربعاء 19 رمضان 1430هـ / 9 - 9 - 2009اضغط هناhttp://www.al-seyassah.com/PDF/09/SEPT/09/35.pdf

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قول وعبر .. ما تخافشى السكات هو اللى يخوف:

قائمة المدونات الإلكترونية