الأربعاء، 23 سبتمبر 2009

المدينة



أماكن فى القرآن 

المدينة المنورة

على جاد

مكان نال حبا كبيرا من النبي ـ صلّى الله عليه وسلم ـ فأحبه المسلمون محبة لله ورسوله وإتباعا للسنة المطهرة.. المدينة المنورة إليها خرج مهاجرا، وعلى أرضها بنى أول مسجد فى الإسلام، وبها مرقد خير البشر، وهى أول عاصمة إسلامية، كانت تسمى قبل الهجرة "يثرب"، وتقع وسط الجزء الغربى من المملكة العربية السعودية، تبلغ مساحتها 150 كيلومترا مربعا، وترتفع عن سطح البحر 625 مترا تقريبا.

وتبعد عن مكة المكرمة 430كم شمالا، كما تبعد عن شاطئ البحر الأحمر بنحو 150كم، وأقرب الموانى منها ميناء ينبع البحر الذى يقع فى الجهة الغربية الجنوبية منها، وتبعد عن عاصمة المملكة الرياض بنحو 980 كيلومترا، وتتميز بخصوبة أرضها ووفرة مائها وعذوبته، بالإضافة إلى إحاطة هذه الواحة بمحميات تضاريسية طبيعية تمثل في مجموعها الجبال والهضاب والأودية.

"ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه .." سورة التوبة الآية (120)

ورد لفظ "المدينة " في القرآن الكريم أربع عشرة مرة، منها أربعة مواضع قصد بها " المدينة المنورة "، مرتان في سورة التوبة الآيتان (101 و 120)، ومرتان فى سورتى الأحزاب الآية (60)، والمنافقون الآية (8)، وورد لفظ " يثرب " بتسميتها القديمة مرة واحدة، وذلك في سورة الأحزاب في قوله تعالى: " وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا .." الآية (13)، كان اسم المدينة المنورة قبل هجرة الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ إليها هو " يثرب ".

ويقال إن هذا هو اسم رجل كان أول من سكن المدينة المنورة بعد الطوفان، وهناك أكثر من رواية حول سبب التسمية، إلاَّ أن الثابت أن العرب عند ظهور الإسلام كانوا يدعونها بهذا الاسم ثم تغير إلى اسم " المدينة المنورة " بعد الهجرة النبوية المباركة، يقول ابن هشام فى كتابه "السيرة النبوية" كانت تسمى يثرب فسماها رسول الله، صلى الله عليه وسلم المدينة، وكره أن تسمى يثرب، وذلك لأن هذه التسمية التي لحقت بها إنما جاءت على عهد اليهود الذين سموها بها وهي تعني الفساد.

وذكر الطبرى، والقرطبى فى تفسيريهما لهذه الآية أنه لم يكن لأهل المدينة، ومن حولهم من الأعراب سكان البوادي، الذين تخلفوا عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في غزوة تبوك، وهم من أهل الإيمان به، أن يتخلفوا في أهاليهم ولا دارهم، ولا أن يرغبوا بأنفسهم عن نفسه في صحبته في سفره والجهاد معه ومعاونته على ما يعانيه في غزوه ذلك، فيخبر سبحانه وتعالى أنه لم يكن لهم هذا، لأنهم لا يصيبهم في سفرهم إذا كانوا معه عطش ولا تعب، ولا مجاعة في إقامة دين الله ونصرته، وهدم منار الكفر، وهذه معاتبة للمؤمنين من أهل يثرب وقبائل العرب المجاورة لها، كمزينة وجهينة وأشجع وغفار وأسلم على التخلف عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في غزوة تبوك.

أما عن جبالها وتضاريسها وسكانها فقد ذكر ابن القيم فى كتابه (زاد المعاد) أن أهم جبالها هو جبل أحد ويقع شمال المدينة والذي حدثت عنده معركة أحد، ويوجد بجوار الجبل قبور شهداء أحد وقبر حمزة بن عبدالمطلب عم النبي وأسد الله، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن جبل أحد يحبنا ونحبه، وهو على ترعة من ترع الجنة" رواه ابن ماجة.

وكذلك عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد جبل أُحد وأبو بكر وعمر وعثمان معه فرجف بهم، فضربه برجله وقال: (اثبت أحد، فما عليك إلا نبيٌّ، أو صدّيق، أو شهيدان)، وفي رواية: (فإنما عليك نبي، وصديق، وشهيدان) رواه البخاري، ويقع شماله جبل ثور وهو الحد الشمالي للمدينة المنورة، ويسكن المدينة قبائل الأنصار: وهم الأوس والخزرج السكان الأصليين للمدينة المنورة، بقي منهم بعض العوائل الثابت نسبهم، والسبب في قلة الأنصار اليوم يرجع إلى عدة عوامل أهمها تصديقا للحديث النبوي الشريف (إن الناس يكثرون، وتَقِلُّ الأنصار حتى يكونوا كالملح في الطعام، فمن ولي منكم أمرا يضر فيه أحدا أو ينفعه فليقبل من محسنهم، ويتجاوز عن مسيئهم‏)‏‏. والعامل الآخر في قلتهم بالمدينة هو مشاركتهم بالغزوات والفتوحات الإسلامية، فمنهم من استقر في الأمصار والأقطار التي توجهوا لها، ومنهم من استشهد وتوفي، وعدد العوائل الثابت نسبهم قليل، وهناك بعض المهاجرين في القرون المتأخرة لقبوا أنفسهم بالأنصار، ولكنهم ينفون نسبتهم إلى أنصار رسول ـ الله صلى الله عليه وسلم، وهناك أيضا قبيلة الأشراف ومعظمهم من بني الحسين ـ رضي الله عنه ـ وقبائل أخرى نزحت إلى المدينة بعد زوال الأسوار المحيطة بالمدينة المنورة ومن أشهرها حـــرب وجهينة، بالإضافة إلى الهجرات المتتابعة لمحبي السكنى بجوار المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ من جميع الأقطار الإسلامية.

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان الناس إذا رأوا أول الثمر جاءوا به إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم، فإذا أخذه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال:"اللهم بارك لنا في ثمرنا وبارك لنا في مدينتنا وبارك لنا في صاعنا وبارك لنا في مدنا، اللهم إن إبراهيم عبدك وخليلك ونبيك، وإني عبدك ونبيك، وإنه دعا لمكة، وإني أدعوك للمدينة بمثل ما دعاك به لمكة ومثله معه" فى صحيح مسلم، وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إنما المدينة كالكير تنفي خبثها وتنصع طيبها"، أي تميزه ويستقر فيها، فى صحيح البخارى ومسلم.


نشرت بجريدة (السياسة الكويتية) يوم الأحد 1 شوال 1430 هـ / 20 -9 -2009

قائمة المدونات الإلكترونية