الثلاثاء، 14 مايو 2013

مدرس الخصوص.. والفتنة النائمة (5)



مدرس الخصوص.. والفتنة النائمة (5)

بقلم: على جاد

كان من الممكن أن أختصر أربعة مقالات مضت فى مقال واحد، لكن هل ستتم الفائدة من رصد لواقع عشناه ونعيشه وسوف يتكرر كثيرا فى حياتنا.. أظن أن الفتنة النائمة التى يتم إيقاظها كلما تطلب الأمر ستظل كما هى؛ حتى يرجع الشعب المصرى كما كان.. أخلاقا وسلوكا وحبا ودفئا ووطنية وسلمية مع نفسه والآخرين.. ويرفع من جديد الهلال مع الصليب لبناء مصر.

وسأحاول اختصار عدة مقالات كان من المفروض أن أكتبها لتكتمل الصورة، وسأكتفى بنشر ملخص لما جرى فى مقال اليوم والأخير، فبعض التعليقات على المقالات السابقة جعلتنى أعدل عن نشر ما حدث تفصيليا..

وقفنا الأسبوع الماضى عند شرح الآية لتلاميذ الفصل فى حضور التلاميذ المسيحيين.. لم يكن تعليقى على ظاهرة النور الخارج من الكعبة وقبر النبى صلى الله عليه وسلم من باب (الدروشة) والخرافات وادعاء الكرامات بل شرح وتفسير لمعنى بلاغي تضمنته الآية ارتبط بظاهرة اكتشفتها وكالة (ناسا) الأمريكية متعلقة بالآية.. وبعد أن عرفت المدرسة كلها ما حدث وبينما أعيش الحيرة شارد الفكر فإذ بناظرة المدرسة تستوقفنى فى إحدى طرقات المدرسة، وأخذت تشرح لى خطورة الموقف وأنها لا تستبعد أن يقوم أولياء الأمور بفعل شيء يضرنى عند خروجى من المدرسة، وأثناء حديثى معها ضرب جرس انتهاء (الفسحة).

كان من المقرر أن أدخل فصل أولى سادس فنصحنى المدرسون بأن أترك هذه الحصة لحين تجهيز مدرس لغة عربية غيرى لهذا الفصل فرفضت، ودخلت الفصل وفى وجهى ألوان من الغضب، وبدا الفصل على غير عادته فى هدوء تام وكأن ليس به أحياء.. وبدأت فى كتابة الدرس على السبورة وكأن شيئا لم يكن، وبينما أكتب سمعت تلميذا ينادينى بصوت متهدج، فقلت "لحظة يا بنى" ولم ألتفت إليه، وقد أرجأت الرد عليه لحين انتهائى من الكتابة على السبورة، وإذ بناظرة المدرسة تدخل الفصل وكان باب الفصل مفتوحا.. فتوقفت عن الكتابة على صوت الناظرة تحدث من يقف خلفى.. نظرت فوجدت ثلاثة تلاميذ مسيحيين.. تسألهم الناظرة ماذا تريدون ولماذا تقفون هكذا؟! فأجابوا قائلين: "نريد الاعتذار للأستاذ على.. ونقول له احنا غلطانين.."، لم تمهلهم الناظرة يكملون كلامهم وأطلقت سيلا من التوبيخ والتحذير والوعيد لكل من يحاول أن يكذب أو يفتن أو يثير أى مشكلة داخل المدرسة أو حتى خارجها، ثم وجهت لى الحديث قائلة: "أستاذ على.. أى عيل يحاول إثارة أى شغب أو أية مشاكل فى هذا الفصل أشبعه ضربا وأنا المسئولة".

انتهت الحصة وجلست فى فناء المدرسة مع زملائى المدرسين لأستمع إلى مكلمة وشد وجذب حول المشكلة وعواقبها، فوجدت ضعفا وخوفا وتخاذلا فى حديثهم، وأقل جملة قيلت "انت مش كد الناس دى"، كان يعتصرنى الألم لما أره وما وصلنا له.. أصبحت (قِصفة) من الورق يكتبها مسيحى فى مسلم أو مسلم فى مسيحى ويتجه بها إلى أمن الدولة يحبس فيها أى الطرفين أو الاثنان معا ولو كان أحدهما على حق.

وفى يوم السبت 20مارس 2004 دخلت فصل أولى سادس فوجدت الناظرة ووكيل المدرسة وأربعة مدرسين يستجوبون التلاميذ، وكانت المفاجأة أن كل ما كتب فى مذكرة الآباء لم أقله ولم يذكره العيال لآبائهم، وأنه مجرد تهديد وتخويف حتى لا أترك التلاميذ المسيحيين مرة أخرى يحضرون حصة التربية الدينية، هذا ما همست به الناظرة فى أذنى وقالت "فهمت.. فافعل"، وظننت الأمر انتهى عند ذلك، لأجد أحد زملائى المدرسين يزورنى فى سكنى ليلا ويخبرنى بأن الأمر لم ينته عند ذلك، فهو انتهى بالنسبة لإدارة المدرسة، وهذا ما كانت تسعى إليه الناظرة خوفا من وصول الأمر لمسئولى التعليم بالمديرية، أما بالنسبة لك فالمشكلة مازالت قائمة وأمن الدولة وصلته المذكرة لكن بشكل آخر مختلف تماما وبعيدا عن حوارات المدرسة، وقد وصل زميلى لهذه المعلومة من قريب له يعمل فى مكتب أمن الدولة بمنطقة الخصوص.. بعدها استغنت وزارة التربية والتعليم عن خدماتى وأبلغتنى إدارة المدرسة بأن مع نهاية العام الدراسى ستنتهى فترة تدريسى بالمدرسة.

نشر بجريدة الأهرام يوم الثلاثاء 14/ 5/ 2013
http://www.ahram.org.eg/NewsQ/209766.aspx

قائمة المدونات الإلكترونية