الثلاثاء، 8 سبتمبر 2009

عرفات


أماكـن في القـرآن

عَـرَفَـات


عـلى جاد

مكان مبارك تتجه القلوب العامرة بالإيمان إليه، إلى تلك الأراضي المقدسة مهبط الوحي وموطن الرسول الأمين ـ عليه الصلاة والسلام ـ حيث يقف المسلمون من شتي بقاع الأرض علي عرفات ووجوهم مشرقة بنور الإيمان .. توجهوا جميعا إلي قبلة واحدة يدعون ربا واحدا لا شريك له .. يقع عرفات خارج حدود الحرم، حيث يبعد عن مكة 21 كيلو مترا تقريبا، وهو أحد حدود الحرم من الجهة الشرقية، وإجمالي مساحته10,4 كيلو متر مربع، تم تحديده الآن بوضع علامات تبين حدوده، حتى يتنبه الحاج فلا يقف فيما ليس بموقف فيفوته الحج، قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم: " الحج عرفة " رواه الترمذي، وفي ذلك دلالة أكيدة على أهمية هذا الركن من الحج حتى كأنه الحج كله، وهو من الأماكن المقدسة المذكورة فى القرآن.

"لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ" البقرة 198

في هذا المكان المقدس تتفتح أبواب السماء لقبول الدعوات من ضيوف الرحمن، وتتجلي في هذا اليوم المبارك أعظم العلاقات الإنسانية وأروع آيات الوحدة الوطنية الإسلامية، رغم اختلاف ألوانهم وأجناسهم وألسنتهم، الجميع يرفع أكف الضراعة في خشوع وسكينة، وفي صوت واحد يشق عنان السماء وتهتز له أرجاء تلك الأراضي المقدسة، الطاهرة ملبين وداعين بهذا الدعاء النابع من شغاف قلوبهم: " لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك "..
" فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام " ابن كثير ذكر فى تفسيره أن تصريف عرفات وإن كان علما على مؤنث، فذلك لأنه في الأصل جمع مثل "مسلمات ومؤمنات " سمي به بقعة معينة، وهو موضع الوقوف في الحج وهي عمدة أفعال الحج، ولهذا روى بإسناد صحيح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال " الحج عرفات - ثلاثا - فمن أدرك عرفة قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك، وأيام منى ثلاثة فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه "، ووقت الوقوف من الزوال يوم عرفة إلى طلوع الفجر الثاني من يوم النحر، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقف في حجة الوداع بعد أن صلى الظهر إلى أن غربت الشمس وقال : " لتأخذوا عني مناسككم "، وقال في هذا الحديث " فمن أدرك عرفة قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك " وهذا مذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي ـ رحمهم الله.
وفى سبب تسميت المكان بهذا الاسم قال علي بن أبي طالب: بعث الله جبريل عليه السلام إلى إبراهيم ـ عليه السلام- فحج به حتى إذا أتى عرفة قال :عرفت، وكان قد أتاها مرة قبل ذلك، فلذلك سميت عرفة، وعن عطاء قال : إنما سميت عرفة لأن جبريل كان يُري إبراهيم المناسك فيقول : عرفت عرفت، فسميت عرفات، وتسمى عرفات المشعر الحرام والمشعر الأقصى، ويقال للجبل في وسطها جبل الرحمة.

قال القرطبى سميت تلك البقعة عرفات لأن الناس يتعارفون بها، وقيل : لأن آدم لما هبط وقع بالهند، وحواء بجدة فاجتمعا بعد طول الطلب بعرفات يوم عرفة وتعارفا، فسمي اليوم عرفة، والموضع عرفات، والظاهر أن اسمه مرتجل كسائر أسماء البقاع، وعرفة هي نعمان الأراك، وهي مأخوذة من العرف وهو الطيب؛ قال الله تعالى : " عرّفها لهم " محمد : 6 أي طيبها، فهي طيبة بخلاف منى التي فيها الفروث والدماء، فلذلك سميت عرفات، ويوم الوقوف يوم عرفة، وقال بعضهم : أصل هذين الاسمين من الصبر، يقال : رجل عارف إذا كان صابرا خاشعا، ويقال في المثل : النفس عروف وما حملتها تتحمل . قال : فصبرت عارفة لذلك حرة أي نفس صابرة، فسُمي بهذا الاسم لخضوع الحاج وتذللهم، وصبرهم على الدعاء وأنواع البلاء واحتمال الشدائد، لإقامة هذه العبادة .

من الأمكنة والأزمنة العظيمة القدر الكثيرة الأجر يوم عرفة، فهو مواسم للخيرات، وأزمنة للطاعات، تزداد فيها الحسنات، وتُكفر فيها السيئات، يوم عرفة أحد الأيام العشرة المفضلة في أعمالها على غيرها من أيام السنة: قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم : "ما من عمل أزكى عند الله - عز وجل- ولا أعظم أجرا من خير يعمله في عشر الأضحى قيل: ولا الجهاد في سبيل الله - عز وجل- ؟ قال ولا الجهاد في سبيل الله - عز وجل- إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء.

عرفة كلها موقف .. ظاهر عموم القرآن والسنة الثابتة يدل على ذلك، قال صلى الله عليه وسلم : " ووقفت هاهنا وعرفة كلها موقف " رواه مسلم في فضل يوم عرفة، يوم عرفة فضله عظيم وثوابه جسيم، يُكفر الله فيه الذنوب العظام، ويضاعف فيه الصالح من الأعمال، قال صلى الله عليه وسلم : " صوم يوم عرفة يُكفر السنة الماضية والباقية " فى الصحيح، وقال صلى الله عليه وسلم : " أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له ".
نشرت يوم 6 رمضان 1430 هـ / 28 -8 -2009




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قول وعبر .. ما تخافشى السكات هو اللى يخوف:

قائمة المدونات الإلكترونية