الثلاثاء، 25 يونيو 2013

انتفاضة المنتفعين.. والدولة العميقة

انتفاضة المنتفعين.. والدولة العميقة

انتفاضة المنتفعين.. والدولة العميقة
فى مقال الأسبوع الماضى طالبت بإصدار بيان رئاسى قبل يوم 30 /6 يجمع كل الأطياف السياسية المختلفة والحركات الثورية والجلوس لمناقشة الأسباب التى جعلت الشارع المصرى يختلف وينقسم بين مؤيد ومعارض بشكل يدعو للقلق وينذر بكارثة، فاتهمنى البعض وأقرب الناس إلى بأننى (آكل على موائد المعارضة)؛ بمعنى أنى انحاز إلى القوى المعارضة على حساب القوى المؤيدة.
وبما أننى آكل على كل الموائد؛ فاليوم أنا ضيف على مائدة المؤيدين.. وأرجو ألا يُفهم من كلامى أن ذلك من قُبيل المداهنة لاسترضاء المؤيدين أو استعداء المعارضين، لكنها قراءة لمشهد سياسى نعرف بعض خفاياه كصحفيين، أولها أن خروج 30/ 6 سيكون حائرا بين شباب ثائر حقيقة من أجل مصر وبين انتفاضة المنتفعين الذين يريدون إشعال الموقف وتصعيده خوفا على مصالحهم والمليارات المنهوبة، وحرصا على أن تبقى مصر نهبا لهم، والوقوف أمام أى فصيل يحاول الاقتراب من مصالحهم الشخصية.
وأتذكر هنا مصطلح (الدولة العميقة)، وهو باختصار عبارة عن مجموعة من المتنفذين (المتغلغلين) في الجسم السياسي وبعض الجهات السيادية فى الدولة، وقد عُرف هذا المصطلح في تركيا فى عهد كمال أتاتورك، حيث باتت لهذه (الدولة العميقة)سطوة كبيرة ونفوذ يمكنانها من القضاء على مخالفيها حتى لو أدى ذلك إلى التصفية الجسدية.
هذا المصطلح ردده كثير من السياسيين فى مصر كأداة ليست مضادة لثورة  25 يناير فقط بل لكل ما يهدد مصالح هؤلاء المتنفذين، ويساندهم فى ذلك بعض المنتفعين من تدهور الأوضاع فى مصر، وكان من اكبر وأهم أدواته (الإعلام)، الذى له سلطة على الشعب أكبر بكثير من كل سلطات الدولة، وهى حقيقة نراها كعاملين فى مهنة الصحافة والإعلام..ونعرف الإعلام المحايد وهو قليل، كما نعرف الإعلام الفاسد وهو كثير.
وأستشهد فى طرحى هذا بمقال بعنوان (رسالة من الدولة العميقة) للكاتب السياسى الكبير الأستاذ فهمى هويدى تعليقا على عناوين بعض الصحف الكبيرة، وكان العنوان مشتركا بينها فى معناه وفحواه، يقول المقال: قرأت خبرا فى جريدة(الشروق) نُسب الكلام فيه إلى (مصدر مجهول)، وذكر الخبر أن ثمة خطة إخوانية بمباركة أمريكية للإطاحة بالسيسي، (الفريق أول عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع)، وخبرا بجريدة (المصرى اليوم) نُسب الكلام نفسه إلى (مصدر مطلع).
ووضع الأستاذ فهمى هويدى كلمتى (مصدر مجهول، ومصدر مطلع) بين قوسين، وعادة فى الصحافة عندما يُذكر فى الخبر (مصدر مجهول أو مطلع) فافهم عزيزى المواطن أن ما ستقرأه شائعة لغرض ما أو توجيه معين لنشر البلبلة والتشكيك وإشاعة أكاذيب تغير رأى الشعب فى موضوع معين.
وعلق الأستاذ فهمى هويدى على هذه العناوين قائلا: "أخطر ما في هذا الكلام مصدره الذي ذكرت الصحيفتان أنه (مطلع)، وقد تحريت الأمر من جانبي، وفهمت أن المعلومات تم تسريبها من مصدر ينتسب إلى إحدى الجهات السيادية، وهذا المصدر يمكن التعرف عليه بجهد بسيط للغاية، خصوصا أنني فهمت أنه معروف لدى الأطراف الصحفية التي تلقت المعلومات وتولت نشرها وإبرازها، لأنها تعني شيئا واحدا هو أن ثمة أطرافا داخل الأجهزة السيادية لها ولاءات أخرى، وتقف وراء التسريبات التي تسمم الأجواء وتشيع البلبلة في البلاد، وتلك إحدى المهام التي تقوم بها (الدولة العميقة) لصالح الثورة المضادة.ما قرأته في الصحيفتين لم يكن رسالة من الدولة العميقة فحسب، ولكنه بمثابة جرس إنذار أيضا.. ولا يتطلب الأمر (لبيبا) لكي يفهم الإشارة".
أعتقد بعد قراءة هذا المشهد المؤثر فى توجيه الرأى العام لا أحتاج إلى شرح أكثر من ذلك فى لفت انتباه الناس لما يشاهدونه ويسمعونه ويقرأونه، فليس كل ما يقال فى السياسة حقيقة، وليس كل متحدث صادقا.
هذا المقال لكاتب يأكل على موائد الحقيقة مهما كانت صادمة، فلست منتميا لحزب معين ولا لأى جهة سيادية أو سياسية ولا لأى طائفة دينية أو عرقية.. انتمائى أولا وأخرا لمصر وللحقيقة، وبـ(شجع اللعبة الحلوة) التى تسجل هدفا لمصلحة مصر.. إن لعبها الرئيس مرسى سأصفق له، وإن لعبتها المعارضة سأصفق لها.. المهم عندى هو من فيهما سيخدم مصر ويرفع رايتها.. حمى الله مصر.
لحظة:
من يكتب لإرضاء القارئ عليه أن يبحث لنفسه عن مهنة أخرى.

الثلاثاء، 18 يونيو 2013

بيان رئاسي..!

بيان رئاسي..!

برغم ما ينتابنا من خوف مما سيحدث يوم 30/6 فى ظل تصريحات نارية بين الطرفين المتصارعين، والتهديدات التي تجاوزسقفها العقل، فأعتقد أننا تعلمنا الدرس، وأصبحنا متمرسين بما فيه الكفاية على حماية المظاهرات من أى تدخل يحول سلميتهاإلى عنف وتخريب وحرق وبلطجة.

فالمظاهرات ليست اعتراضا على حكم رئيس مسلم متدين كما يحلو للبعض تصور ذلك، ولكنها اعتراض على سياسة إدارة البلاد، وسوء التصرف فى بعض أمور الدولة، خاصة فيما يتعلق بالقرارات والمواقف الخاطئة داخليا وخارجيا.. وكذلك ما يتعلق بقضايا الأمن القومى المصرى وصورة مصر كأكبر دولة فى الشرق الأوسط..ولن يستطيع أحد منع الشعب من الاعتراض والتظاهر حتى ولو (تمرد)، فهذا حقهم فى التجمع والتعبير عن آرائهم دون حجر من أحد أو ملاحقة من تيارات تعتقد أن هذا حق لها وحدها، خاصة إذا وضعنا في الاعتبار أن هناك فصيلا آخر يزعم (التجرد).

وكان من أكبر الأخطاء التى وقعنا فيها سياسيا إطلاق لفظ (إسلاميين) على قوى بعينها، حتى تصور البعض أن قضيتنا ليست مع فصيل سياسى معين أو حزب أو جماعة وإنما مع (الإسلاميين)، والإسلام ليس مقصورا على فئة بعينها وما عداهم غير مسلمين، وهذا خطأ بالغ الخطورة، أعطى ذريعة لبعضهم بأن يفتى بأن من يعارض الحاكم فهو يعارض الإسلام والشريعة.

أما من يريدوا نحرق البلد.. فذلك وهم يهيئ للبعض أن حدوثه وارد وسط أحداث لن تكون سلمية وإن حرص المتظاهرون على ذلك.. فالفشل واضح وتعرفه الحكومة ومؤسسة الرئاسة، ولو كان لديهم الخبرة وحسن الإدارة لما انتظروا قيام مظاهرات ولا ثورة وأصلحوا واعتدلوا في قراراتهم أو تركوا المسئولية لمن يستطيع تحملها، نعرف أنه يعز عليهم فشلهم ، لكن لمن الولاء.. للوطن أم لفصيل أو جماعة أو حزب؟!

والحل هو أن تجنب رئاسة الجمهورية وجبهة الإنقاذ والحركات الثورية الشعب ويلات هذا اليوم ووضع مصر فوق الرؤس أولا، واعتراف الرئاسة بخطأها فتبادر بتحقيق مطالب المتظاهرين والقوى السياسية، والإنصات للمطالب المشروعة وإعلاء القانون على الجميع دون تفرقة أو تمييز.. والإسراع بإعلان بيان رئاسى لمبادرة حقيقية للتوافق الوطني والاستماع لمطالب القوى السياسية.

فالكل يتأهب ويستعد لوقوع مصر، بدءا بأخوتنا فى الأرض والدين والجيرة، وانتهاء بدول معادية لمصر.. كلهم يخطط لمصر ويعدل فى خريطتها المصلوبة فى حجرات أعدائها، بينما نحن نخوض حربا مع أنفسنا كلما خمدت أشعلناها ونفخ فى نارها المتربصون.


لحظة:
إذا فشلت في تحقيق أحلامك فغير أساليبك لا مبادئك.. فالأشجار تغير أوراقها لا جذورها..!

الثلاثاء، 11 يونيو 2013

سد النهضة.. ومحطة المطار السرى

سد النهضة.. ومحطة المطار السرى

بقلم: على جاد

فى ساعة توافق مع النفس والآخرين دعت الرئاسة القوي المعارضة وغير المعارضة لاجتماع مهم يمس الأمن القومى المصرى، تناقش فيه القوى الوطنية أزمة "مشروع سد النهضة" الإثيوبى، وبحث التقارير التي انتهت إليها اللجنة الثلاثية المكونة من مصر والسودان وإثيوبيا، ودراسة مدى أضرار سد النهضة علي الحياة فى مصر.

وانتبه الشارع المصرى إلى أن هناك اجتماعا (سريا) سوف يذاع على الهواء مباشرة، وجلسنا أمام شاشات التلفاز فى انتظار حدث يعد الفريد من نوعه، وعلى طريقة المسلسلات المخابرتية دار الاجتماع وكأنه مجلس حرب شكلا وهيئة لكن المضمون خاوى، وللأسف غاب عن الاجتماع لظروف قهرية ضابط المخابرات العبقرى (الريس زكريا)، ورجل المخابرات الداهية (جمعة الشوان) بطلا مسلسل (دموع فى عيون وقحة)، كان أول سؤال سيوجهه (جمعة) فى هذا الاجتماع لـ(الريس زكريا) :"هو الاجتماع ده كان المفروض يكون سريا يا ريس"، يلتفت (الريس زكريا) مبتسما ابتسامته العريضة "عندك حق يا جمعة.. وأى مواطن هيفكر زيك"، ثم يقف (الريس زكريا) واضعا يده فى جيبه والأخرى فوق كتف (جمعة) قائلا:"دى حاجة جديدة اسمها الشفافية يا جمعة، والناس اللى فى الاجتماع ما يعرفوش إنه سيذاع على الهوا.. وقبل ما تسأل ليه.. أقول لك إن دى أكبر خدعة مخابراتية للشعب الإثيوبى".

تنفتح عينا (جمعة) عن أخرهما ذهولا وتعجبا ثم يبتسم وهو (يهرش) فى قفاه "يعنى يا ريس زكريا هنقدر نخدعهم ونفهمهم إننا ما عندناش قضية من أصله تستدعى قيامنا باجتماع سرى"، فى خطوات واثقة يتجه (الريس زكريا) لمكتبه ممسكا نظارته السوداء ثم يشير بها إلى (جمعة) قائلا بحزم "وهو ده اللى حصل يا جمعة.. إثيوبيا فكرتنا بنهرج.. وده اللى احنا عايزينه يوصل لهم"، ثم يعطى ظهره لـ(جمعة).. بينما(جمعة) يقترب من (الريس زكريا) هامسا فى إذنه "تقصد إن فيه اجتماع سرى فى مكان تانى وغير معلن"، يبتسم (الريس زكريا) ابتسامته الجميلة قائلا:" فعلا يا جمعة وكمان يومين هتسمع خبر يفرّحك". 
    
آسف لطريقة الكتابة الساخرة فالموقف لا يستدعى ذلك، لكن كما يقول المثل "شر البلية ما يضحك"، فأثناء متابعتى للاجتماع تذكرت هذه المشاهد، وقفز إلى ذهنى فجأة (كما يتفاجأ وزير الرى بكل ما يحدث لمياه النيل) مشهد (جمعة الشوان) وهو يقول لـ(الريس زكريا) "هى إيه حكاية محطة المطار السرى اللى على طريق السويس يا ريس؟! ومنين سرى والناس عارفاه وعملته محطة أتوبيس؟!"، وبنفس سؤال (جمعة) من حقك كمواطن أن تسأل: كيف يتم مناقشة مشكلة أمن قومى بهذه الأطروحات الباردة، وكيف يكون الاجتماع سريا ويراه ويسمعه العالم كله؟! كان ينقص الاجتماع أن تعلن السيدة العبقرية مديرة الحوار أنه لا يوجد سد، ولا مشكلة من أصله، وأنها خدعة للشعب المصرى حتى "يتلهى" على عينه ويبطل مظاهرات ووقفات احتجاجية.

شىء من هذا حدث فى اجتماع الرئاسة لمناقشة أزمة سد النهضة وحكاية مياه النيل.. فقد كان المسئولون يتصرفون على أن الموضوع ليس سرا خطيرا، فى حين كان الناس فى اللحظة ذاتها، يرون المشهد كاملاً، ويرصدون خطوات إثيوبيا نحو مشروع السد، خطوة خطوة.. بينما الوزراء والمسئولون يتعاملون مع الأزمة على أن كل شىء تحت السيطرة حتى فلت الزمام وانكشف المستور، ليجدوا الملايين يتابعون ويتطلعون إلى المشهد عارياً من كل جوانبه.

التعامل مع أزمة السد كله طرائف ومواقف عجيبة تدل على عشوائية القرار السياسى، وكأننا نتعمد السخرية من أنفسنا بأفعالنا ومواقفنا المخزية اتجاه الأزمات، ففى صدر الصفحة الأولى لإحدى الصحف المشهورة يوم الخميس الماضى 6 يونيو كتبت الصحيفة "مانشيت" بالبنط العريض واللون الأحمر الملفت يقول "وفد مخابراتى يزور إثيوبيا لبحث مشكلة السد" ادينى عقلك!!.. تحركات المخابرات العامة أصبحت تنشر على صفحات الجرائد.. لا وإيه (مانشيتااات)..!! زمان كنا لا نسمع عن جهاز المخابرات العامة إلا فى المسلسلات، حتى إن كثيرا من الناس كانوا لا يعرفون اسم مدير المخابرات، أما الآن فعملا بالشفافية سوف ننشر تحركات رجال المخابرات خطوة بخطوة.


قائمة المدونات الإلكترونية