انتفاضة المنتفعين.. والدولة العميقة
انتفاضة المنتفعين.. والدولة العميقة
فى مقال الأسبوع الماضى طالبت بإصدار بيان رئاسى قبل يوم 30 /6 يجمع كل الأطياف السياسية المختلفة والحركات الثورية والجلوس لمناقشة الأسباب التى جعلت الشارع المصرى يختلف وينقسم بين مؤيد ومعارض بشكل يدعو للقلق وينذر بكارثة، فاتهمنى البعض وأقرب الناس إلى بأننى (آكل على موائد المعارضة)؛ بمعنى أنى انحاز إلى القوى المعارضة على حساب القوى المؤيدة.
وبما أننى آكل على كل الموائد؛ فاليوم أنا ضيف على مائدة المؤيدين.. وأرجو ألا يُفهم من كلامى أن ذلك من قُبيل المداهنة لاسترضاء المؤيدين أو استعداء المعارضين، لكنها قراءة لمشهد سياسى نعرف بعض خفاياه كصحفيين، أولها أن خروج 30/ 6 سيكون حائرا بين شباب ثائر حقيقة من أجل مصر وبين انتفاضة المنتفعين الذين يريدون إشعال الموقف وتصعيده خوفا على مصالحهم والمليارات المنهوبة، وحرصا على أن تبقى مصر نهبا لهم، والوقوف أمام أى فصيل يحاول الاقتراب من مصالحهم الشخصية.
وأتذكر هنا مصطلح (الدولة العميقة)، وهو باختصار عبارة عن مجموعة من المتنفذين (المتغلغلين) في الجسم السياسي وبعض الجهات السيادية فى الدولة، وقد عُرف هذا المصطلح في تركيا فى عهد كمال أتاتورك، حيث باتت لهذه (الدولة العميقة)سطوة كبيرة ونفوذ يمكنانها من القضاء على مخالفيها حتى لو أدى ذلك إلى التصفية الجسدية.
هذا المصطلح ردده كثير من السياسيين فى مصر كأداة ليست مضادة لثورة 25 يناير فقط بل لكل ما يهدد مصالح هؤلاء المتنفذين، ويساندهم فى ذلك بعض المنتفعين من تدهور الأوضاع فى مصر، وكان من اكبر وأهم أدواته (الإعلام)، الذى له سلطة على الشعب أكبر بكثير من كل سلطات الدولة، وهى حقيقة نراها كعاملين فى مهنة الصحافة والإعلام..ونعرف الإعلام المحايد وهو قليل، كما نعرف الإعلام الفاسد وهو كثير.
وأستشهد فى طرحى هذا بمقال بعنوان (رسالة من الدولة العميقة) للكاتب السياسى الكبير الأستاذ فهمى هويدى تعليقا على عناوين بعض الصحف الكبيرة، وكان العنوان مشتركا بينها فى معناه وفحواه، يقول المقال: قرأت خبرا فى جريدة(الشروق) نُسب الكلام فيه إلى (مصدر مجهول)، وذكر الخبر أن ثمة خطة إخوانية بمباركة أمريكية للإطاحة بالسيسي، (الفريق أول عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع)، وخبرا بجريدة (المصرى اليوم) نُسب الكلام نفسه إلى (مصدر مطلع).
ووضع الأستاذ فهمى هويدى كلمتى (مصدر مجهول، ومصدر مطلع) بين قوسين، وعادة فى الصحافة عندما يُذكر فى الخبر (مصدر مجهول أو مطلع) فافهم عزيزى المواطن أن ما ستقرأه شائعة لغرض ما أو توجيه معين لنشر البلبلة والتشكيك وإشاعة أكاذيب تغير رأى الشعب فى موضوع معين.
وعلق الأستاذ فهمى هويدى على هذه العناوين قائلا: "أخطر ما في هذا الكلام مصدره الذي ذكرت الصحيفتان أنه (مطلع)، وقد تحريت الأمر من جانبي، وفهمت أن المعلومات تم تسريبها من مصدر ينتسب إلى إحدى الجهات السيادية، وهذا المصدر يمكن التعرف عليه بجهد بسيط للغاية، خصوصا أنني فهمت أنه معروف لدى الأطراف الصحفية التي تلقت المعلومات وتولت نشرها وإبرازها، لأنها تعني شيئا واحدا هو أن ثمة أطرافا داخل الأجهزة السيادية لها ولاءات أخرى، وتقف وراء التسريبات التي تسمم الأجواء وتشيع البلبلة في البلاد، وتلك إحدى المهام التي تقوم بها (الدولة العميقة) لصالح الثورة المضادة.. ما قرأته في الصحيفتين لم يكن رسالة من الدولة العميقة فحسب، ولكنه بمثابة جرس إنذار أيضا.. ولا يتطلب الأمر (لبيبا) لكي يفهم الإشارة".
أعتقد بعد قراءة هذا المشهد المؤثر فى توجيه الرأى العام لا أحتاج إلى شرح أكثر من ذلك فى لفت انتباه الناس لما يشاهدونه ويسمعونه ويقرأونه، فليس كل ما يقال فى السياسة حقيقة، وليس كل متحدث صادقا.
هذا المقال لكاتب يأكل على موائد الحقيقة مهما كانت صادمة، فلست منتميا لحزب معين ولا لأى جهة سيادية أو سياسية ولا لأى طائفة دينية أو عرقية.. انتمائى أولا وأخرا لمصر وللحقيقة، وبـ(شجع اللعبة الحلوة) التى تسجل هدفا لمصلحة مصر.. إن لعبها الرئيس مرسى سأصفق له، وإن لعبتها المعارضة سأصفق لها.. المهم عندى هو من فيهما سيخدم مصر ويرفع رايتها.. حمى الله مصر.
لحظة:
من يكتب لإرضاء القارئ عليه أن يبحث لنفسه عن مهنة أخرى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
قول وعبر .. ما تخافشى السكات هو اللى يخوف: