لا ترقى الأمم إلا بالعمل والتقدم والرقى والابتكار والاختراع، وفوق كل هذا إعطاء الفرصة للشباب فهم مستقبل أى أمة، فتقدم الأمم ونجاحها يقاس بالنظر إلى شبابها، فإذا كان يعمل بضمير يقظ وحِسْ وطني وشعور بالمسئولية فهي أمة قوية متماسكة عظيمة، وإن كان شبابها لا يقوم بشيء مما سبق فهي متخلفة وفى ذيل ركب الإنسانية .. نعرف ذلك جيدا ولا نطبق ولا نسمع الكلام.
الأدهى من هذا ويبكى ويخلى الأقرع يشد فى شعره لا نتعلم الدرس، وحياتنا كلها متناقضات وازدواجية فى التفكير والتصرفات، وانفصام فى الشخصية ـ يعنى بمية وش ـ فنجد الواحد منّا دائما لا يخطئ، وأنه ملاك وباقى الناس فى نظره ولاد ستين فى سبعين وبتصيدولوا الأخطاء بل يخترعونها له، ولا يشغله إلا كيف ينتقم لنفسه، وأغلب هذا المشاكسات تكون فى زملاء العمل " التيم وورك يعنى" .. إنما نفكر فى حل أوتطوير أو اختراع أوفكرة جيدة تخدم العمل والناس والوطن "إليئة" ـ لأ .. ـ بس برخامة وتلاحة وغتاتة ورزالة وكل أنواع العبط إللى ما أنزل الله بها من سلطان .. ناس مين يا عم ووطن إيه بلا هَمْ .. ما دام أخر الشهر بمد أيدى وأاخد المرتب على داير سحتوت يبقى خلاص .. تولع.
وضعنا أنفسنا بتصرفاتنا وقراراتنا الخاطئة فى مأزق بل مصايب جمة، وحتى لا نلوم أنفسنا ونجلدها، نتحايل ونكذب ونتلولو زى التعابين والبهلونات لنهرب من عملتنا المهببة بأقل الخسائر وفى أحيان كثيرة بدون خسائر من أصله، ونجد فى إلصاقها بالآخر مخرجا سهلا ، حتى أعطينا الشماعة لمخطئ آخر ليعلق عليها أخطاءه ويزيد همومنا هما ونكدا وتأخرا وتخلفا والبقاء محلك سر.
كان لابد من صياد يستغل هذا الهبل المنتشر، فظهروا الهليبة والنصابون والناس اللى بيبيعوا الهوا فى قزايز، وحياتنا مليانة بنماذج كثيرة استغلوا فينا الضعف والكسل واللا مبالاة المنتشرة فى أفعالنا كالسرطان، نمازج رأت فينا العجز عن إدارة حياتنا فأداروها بحجة أنهم المصلحون الجديرون بالسير بنا وسط الأمواج العاتية، فسرقونا وبهدلونا ونصبوا علينا وشربونا بوظة ـ من البوظان ـ وهو مشروب يصيب الإنسان بالعته والوخم والبلاهة والبلادة فيصبح كالدمية لا نفع فيه.
ألم نسأل أنفسنا .. لماذا يهرب الشباب ـ اللى همة عصب الأمة ودعائمها ـ سفرا وبأي طريقة إلى بلاد الغرب .. مُعرِّضين حياتهم للخطر والموت غرقا ؟!
لماذا نعيش حالة من التوهان، والعيش فى الخيال والأحلام للهروب من الواقع ؟!
ألم نسأل أنفسنا أين حقوقنا الضائعة وفرصنا المهدرة، وحقنا فى حياة كريمة تحفظ آدميتنا وتشعرنا بأننا بشر؟!
تآمرعلينا الفاسدون .. فلا مكان لمجتهد ولا متفوق ولا عبقري ولا مخترع .. « سيبك من كل ده، معاك واسطة..انت ابن مين »؟ وهنا .. إما الهرب من الظلم لأحضان أوروبا أو سلوك طرق ملتوية للنصب على خلق الله .. أو القيام بأى عمل يضمن لنا البقاء على الحياة !!
خدعونا صغارا فقالوا إن كل ما على الأرض من خير ملك لكل الشعب، وعندما كبرنا اتضح الزيف وانكشف الخداع، ووجدنا ما على الأرض ملك لأشخاص بعينهم، بالطبع لسنا منهم، هم أصحاب" الحظوة والشللية من ولاد الكـ..."
تعالوا نبص فى حتة تانية من البلد ... إلى المصالح الحكومية ومؤسساتنا القومية والقطاعات المهمة والحيوية، وغيرها من شركات ومصانع، وحتى محال تجارية نجدها مليئة برجال التصقت مؤخراتهم بالكراسي عمدا، مقابل الطاعة العمياء وعدم إثارة المشاكل التي تقلق رؤساءهم، وبالتالي تهدد وظيفته التى ظن أنه ورثها ولن يتركها إلا لأحد ورثته.
فكرة تانية سهلة خالص .. لو عملنا حصرا في قطاعات العمل المختلفة، حكومية وغير حكومية سنجد أسرا بكاملها تعمل في مكان واحد .. الأب والابن والزوجة والأخ والأخت وأنواع كثيرة من درجات القرابة، والكل يُفوِتْ لبعضه وهيصة يابا .. أعلى بوظة بالمهلبية والكوسة والملوخية، والتيجة مصالح ناس متعطلة علشان ابن الهانم المديرة اللى شغال محاسب فى مديرية ماما ما جاش النهاردة أصل عنده ميعاد مع الموزة، دا مثال بسيط والمصايب أكتر من كدا بكتير وكتير قوى .. يووووه ماتعدش البلد كلها قرايب فى بعض، وكله بيخدم كله على قفى الشعب المتنيل على عينه !!!
سادت المحسوبية والكوسة والتفويت، وانتشرت كلمة « معلش وعشان خاطري وهو يعنى جات عليه »..« يا عم سيبها لله ».. كلام نسمعه كثيرا وضِعَ لتقويض أمة وخراب دولة، وتضييع وقتل مواهب وعقول وزهرة شباب شعب، والنتائج نصطلي بلهيبها الآن .. شباب مُغَيَّبْ علما وخلقا وانتماء ودينا وشرفا ووطنية ..
شباب نتيون ودشيون وديسكاويون، شباب الأنفاس والبوكسر والجيل، والزفت الأزرق إن كان فيه أزرق .. غلاء أسعار، وحوادث قتل وتخريب وعمارات تنهار وعَبَّارات تغرق، وشباب يقتتلون على خمسة جنيهات، وسرقات في عِزْ الضُهر، ونصابين على كل شكل ولون، جميعهم اتفقوا على نهب البلد ومَصْ دماء الغلابة، والمتاجرة حتى فى أجسادنا وبيعها قطع غيار لمن يدفع أكثر .."بيقولوا أحسن قلب وكبد وكلى وبنكرياس وعيون وضوافر موجودة عندنا .. تخيلوا " استبدلوا ما تلف من أجسادهم بأعضاء من أجسادنا، وتبادلوا كؤوس الخمر في بارات مارينا وشرم الشيخ ونوادي أوروبا ..
يمكن ييجى علينا يوم ويبعونا شروة واحدة ويخلصوا .. مش بعيدة فى يوم نلاقى أولى الأمر من أسيادنا اللى ضيعونا وخربوا بيوتنا رابطين كل مواطن بسلسلة وملبسينه برنيطة أوروبية وحاطينله برفن ـ يعنى ريحة .. كالونيا ..عطر ـ والابتسامة مالية وشهم وهمه بيقولوا للسماسرة " تشترى شعب" !!!
أسلوبك جميل وسلس وجذاب.. ولكن ملئ بالحزن والتشاؤم.. وأرجو من الله أن أرى البسمة والتفاؤل والمرح تغلف كتاباتك الحزينة.. وأرى أن هذا الرجاء أوشك على التحقق.. تحياتي لك وتمنياتي لك بالتوفيق
ردحذف