الاثنين، 7 سبتمبر 2009

الجودى





أماكـن في القـرآن

الجُوديّ

على جاد

لم يذكر القرآن الكريم مكان الجودي، لأن العبرة ليست في المكان وإنما فيما آلت إليه قصة الطوفان وأسبابه، فبعد انتهاء الطوفان رست السفينة على الجودى، وهو اسم لمكان بعينه استوت عليه السفينة، والطوفان كان خاصا بقوم نوح، لأن النوع البشرى لم يكن قد انتشر في الكرة الأرضية، وحديثا ذكرت وكالات الأنباء العالمية أن إحدى طائرات التجسس الأميركية اكتشفت بقايا سفينة قديمة فوق جبل أرارات قيل إنها سفينة نوح، ولا تزال هذه البقايا موجودة عليه ومتحجرة.‏

" وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وغِيضَ الماءُ وقُضي الأمرُ واستَوتْ على الجُودِيّ، وقيلَ بُعدًا للقوم الظالمين "
هود 44 ᅜ

كان قوم نوح أظلم وأطغى ما يكون احترفوا الكفر وعبادة الأصنام وبعد أن نفدت كل وسائل نوح في دعوتهم لله الواحد القهار دعا ربه بأن يهلك الكافرين من أهلها، وألا يبقى على الأرض من الكافرين ديارا .. قضى الأمر، وأصدر الله عز وجل حكمه على الكافرين بالغرق، فأمر نوحا بأن يصنع الفلك بعناية الله ووحيه حتى تكون أداة لنجاته هو والمؤمنين معه من الغرق، وأخبره سبحانه وتعالى بأن الكافرين سيغرقون مهما تكن أهميتهم أو درجة قرابتهم له، فلما أتم صنع السفينة وجاء الموعد المحتوم أمر الله تعالى نوحا أن يحمل في السفينة أهله ومن آمن معه من قومه، وحملت المياه السفينة ومن فيها ومكثت ما شاء الله أن تمكث، إلى أن غرق كل ما على الأرض من إنسان وحيوان ونبات فلم يبق منهم أحد، ثم أمر الله سبحانه وتعالى أن تبلع الأرض ماءها وأمر السماء أن تقلع عن الماء، فبدأ الماء يهدأ ويتناقص حتى استقرت السفينة على جبل الجودى.


أخبرنا القرآن الكريم أن السفينة استقرّت على الجودي، هكذا أطلق «الجودي» على هذا الجبل التي استوت عليه سفينة نوح، وفي اسم هذا الجبل أقوال تختلف لفظا باختلاف الأمم التي تعاقبت عليه، فأطلقت كل أمة عليه اسما وفق لغتها، لكن جميع هذه الأسماء حدّدت له مكانا مخصوصا معلوما نذكر منها ما جاء في تفسير ابن كثير، "واستوت " السفينة بمن فيها "على الجودي" قال مجاهد: هو جبل بالجزيرة تشامخت الجبال يومئذ من الغرق وتطاولت وتواضع هو لله عز وجل فلم يغرق، وأرست عليه سفينة نوح عليه السلام، وقال قتادة استوت عليه شهرا حتى نزلوا منها، وقد أبقى الله سفينة نوح عليه السلام على الجودي من أرض الجزيرة عبرة وآية حتى رآها أوائل هذه الأمة.


وقيل:الجودي جبل بالموصل وقال بعض المفسرين هو الطور، عن ابن عباس قال: كان مع نوح في السفينة ثمانون رجلا معهم أهلوهم وأنهم كانوا فيها مائة وخمسين يوما، وأن الله وجه السفينة إلى مكة فطافت بالبيت أربعين يوما ثم وجهها الله إلى الجودي فاستقرت عليه، فبعث نوح الغراب ليأتيه بخبر الأرض، فذهب فوقع على الجيف فأبطأ عليه، فبعث الحمامة فأتته بورق الزيتون فلطخت رجليها بالطين، فعرف نوح عليه السلام أن الماء قد نضب فهبط إلى أسفل الجودي فابتنى قرية وسماها ثمانين، فأصبحوا ذات يوم وقد تبلبلت ألسنتهم على ثمانين لغة إحداها اللسان العربي، فكان بعضهم لا يفقه كلام بعض، فكان نوح عليه السلام يعبر عنهم.

وذكر الطبرى في تفسيره أن استواء الفلك على الجودي فيما يزعم أهل التوراة كان في الشهر السابع لسبع عشرة ليلة مضت منه، في أول يوم من الشهر العاشر رُئي رءوس الجبال، فلمّا مضى بعد ذلك أربعون يوما فتح نوح كوة الفلك التي صنع فيها ثم أرسل الغراب لينظر له ما فعل الماء، فلم يرجع إليه، فأرسل الحمامة فرجعت إليه، ولم يجد لرجليها موضعا فبسط يده للحمامة وأخذها ثم مكث سبعة أيام، ثم أرسلها لتنظر له، فرجعت حين أمست وفي فمها ورق زيتونة، فعلم نوح أن الماء قد قلَّ عن وجه الأرض ثم مكث سبعة أيام ثم أرسلها فلم ترجع، فعلم نوح أن الأرض قد برزت، فلما كملت السنة فيما بين أن أرسل الله الطوفان إلى أن أرسل نوح الحمامة ودخل يوم واحد من الشهر الأول من سنة اثنتين برز وجه الأرض، فظهر اليبس، وكشف نوح غطاء الفلك، ورأى وجه الأرض، وفي الشهر الثاني من سنة اثنتين في سبع وعشرين ليلة منه قيل لنوح : « اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم ».

وقال القرطبي: الجودي: اسم لكل جبل، ويقال إن الجودي من جبال الجنة، فلهذا استوت عليه السفينة، ويقال:" أكرم الله ثلاثة جبال بثلاثة نفر: الجوديّ بنوح، وطُور سِيناء بموسى، وحراء بمحمدٍ صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين".‏


نوح عليه السلام هو أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض، وأهلك الله أهل الأرض كلهم بدعائه، وصفه الله في القرآن بالعبد الشكور لأنه كان يحمد الله على طعامه وشرابه ولباسه وشأنه كله، عن أبى هريرة رضى الله عنه في حديث الشفاعة قال :" فيأتون نوحا فيقولون يا نوح أنت أول الرسل إلى أهل الأرض وسماك الله عبدا شكورا، أما ترى إلى ما نحن فيه، ألا ترى إلى ما بلغنا، ألا تشفع لنا إلى ربك " في البخارى، وهو أطول الأنبياء عمرا فقد لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما.

نشرت بجريدة "السياسة" الكويتية فى 2 رمضان 1430 - 23 / 8 / 2009 .........



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قول وعبر .. ما تخافشى السكات هو اللى يخوف:

قائمة المدونات الإلكترونية