الأربعاء، 9 سبتمبر 2009

الوادى المقدس

صورة حقيقية للوادى المقدس حاليا 



أماكـن في القـرآن

الـوادي المقدس


على جاد


كل الأماكن التى ذكرت فى القرآن كانت لها قصة مع نبى من أنبياء الله أو حدث معين اختص الله سبحانه وتعالى به هذا المكان ليكون آية وذكرى للعالمين..

اليوم نحن فى الوادى المقدس طوى نطوف فيه بالكلمات، نتنسم فيه ريح موسى ـ عليه السلام ـ وكيف تجلى الله سبحانه وتعالى له فى هذا المكان المبارك .. ففى ليلة شديدة البرد والظلام، اشتد فيها البرق والرعد وأمطرت السماء خرج موسى ومعه أهله عائدا إلى مصر، وتاه أثناء سيره فوقف حائرا يرتعش من البرد وسط أهله.. ثم رفع رأسه فشاهد نارا عظيمة تشتعل عن بعد، فأمر أهله أن يجلسوا مكانهم حتى يذهب إلى النار لعله يأتيهم منها بخبر، أو يجد أحدا يسأله عن الطريق فيهتدي إليه، أو يحضر إليهم بعض أخشابها المشتعلة لتدفئتهم.

"فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِي الْمُقَدَّسِ طُوًى" طه 11

اختلف العلماء والمفسرون فى معنى الوادى المقدس طوى، لكن أغلبهم اتفق على أنه كل مفرج بين الجبال والتلال والآكام، وسمى بذلك لكونه مسلكا للسيل ومنفذا، وأن طوى هو واد فى أصل جبل الطور، وهذا اللفظ اسم لهذه البقعة، قال ابن منظور هو الذى كلم الله عز وجل فيه موسى ـ عليه السلام ـ وهو بمصر بأرض سيناء، ويعبر بالطى عن مضى العمر، يقال طوى الله عمره ومنه "والسماوات مطويات بيمينه " وهذا الوادى بجنوب سيناء بنفس الاسم، والشجرة التى كلم الله منها موسى، تسمى فى المكان نفسه " العليقة " ولا تزال خضراء إلى الآن وهى الآن بداخل دير سانت كاترين.

ذكر القرطبى فى تفسيره أن المقصود بالمقدس : المطهر، والقدس : الطهارة، والأرض المقدسة أي المطهرة، وسميت بذلك لأن الله تعالى أخرج منها الكافرين وعمرها بالمؤمنين، وقد جعل الله تعالى لبعض الأماكن زيادة فضل على بعض، كما جعل لبعض الأزمان زيادة فضل على بعض، ولبعض الحيوان كذلك، ولله أن يفضل ما شاء، وعلى هذا فلا اعتبار بكونه مقدسا بإخراج الكافرين وإسكان المؤمنين، فقد شاركه في ذلك غيره، و( طوى ) اسم الوادي، عن ابن عباس قال :هو واد عميق مستدير مثل الطوي.

أما الطبرى فى تفسيره فذكر أقوالا منها: "إنك بالواد المقدس طوى" أى بالوادي المبارك، واختلف أهل التأويل في تأويل قوله "طوى"، فقال بعضهم معناه إنك بالوادي المقدس الذى طويته، كأنه قال : طويت الوادي المقدس طوى، لكن ابن كثير ذكر قولا لعلى بن أبى طلحة عن ابن عباس قال: هو اسم للوادي، فعلى هذا يكون عطف بيان، وقيل عبارة عن الأمر بالوطء بقدميه، وقيل لأنه قدس مرتين وطوى له البركة وكررت، والأول أصح كقوله إذ ناداه ربه بالوادي المقدس طوى.

بعدما قضى موسى الأجل الذي كان بينه وبين صهره في رعاية الغنم ـ كما قال ابن كثير ـ وسار بأهله قاصدا بلاد مصر بعدما طالت الغيبة عنها أكثر من عشر سنين ومعه زوجته فأضل الطريق وكانت ليلة شاتية ونزل منزلا بين شعاب وجبال في ظلام وضباب وجعل يقدح بزند معه ليوري نارا، ولا يخرج منه شرر ولا شيء
واتجه نحو النار مسرعا وفى يده اليمنى عصاه، وجسده مبلل من المطر، ظل يسير حتى وصل إلى واد يسمونه طوى، فلاحظ شيئا غريبا في هذا الوادي، لم يكن هناك برد ولا رياح، فقط صمت عظيم ساكن..اقترب موسى من النار، لم يكد يقترب منها حتى نودي: "أن بورك من في النار ومن حولها وسبحان الله رب العالمين".

ما حدث لسيدنا موسى عليه السلام من معجزات لم تحدث مع نبى من الأنبياء، فعندما رمى العصا فوجئ بها تتحول فجأة إلى ثعبان عظيم الحجم هائل الجسم، راح يتحرك بسرعة، ولم يستطع موسى أن يقاوم خوفه، أحس ببدنه يتزلزل من الخوف، فاستدار فزعا وبدأ يجري، لم يكد يجري خطوتين حتى ناداه الله، يا موسى لا تخف إني لا يخاف لدي المرسلون، عاد ووقف، لم تزل الحية تتحرك، قال الله سبحانه وتعالى لموسى خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى، مد موسى يده للحية وهو يرتعش، لم يكد يلمسها حتى تحولت في يده إلى عصا، عاد الأمر الإلهي يصدر له: اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء، وضع يده في جيبه وأخرجها فإذا هي تتلألأ كالقمر، زاد انفعال موسى بما يحدث، وضع يده على قلبه كما أمره الله فذهب خوفه تماما.

اطمأن موسى عليه السلام فأصدر الله إليه أمرا بعد هاتين المعجزتين، أن يذهب إلى فرعون ليدعوه إلى الله برفق ولين، ويأمره أن يخرج بني إسرائيل من مصر، وأبدى موسى خوفه من فرعون، وقال إنه قتل منهم نفسا ويخاف أن يقتلوه، توسل إلى الله أن يرسل معه أخاه هارون، طمأن الله موسى أنه سيكون معهما يسمع ويرى، وأن فرعون رغم قسوته وتجبره لن يمسهما بسوء، وأفهم الله موسى أنه هو الغالب، ودعا موسى وابتهل إلى الله أن يشرح له صدره وييسر أمره ويمنحه القدرة على الدعوة إليه، ثم رجع لأهله بعد اصطفاء الله واختياره رسولا إلى فرعون قاصدا بهم مصر.


نشرت يوم السبت 8 رمضان 1430هـ / 29- 8- 2009 على جاد


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قول وعبر .. ما تخافشى السكات هو اللى يخوف:

قائمة المدونات الإلكترونية