مكان تحفه الملائكة ويقصده المسلمون من أنحاء العالم، تلبية لنداء مر عليه آلاف السنين .. الكعبة أقدم بيت وضع للناس، عظمه أهل مكة فى الجاهلية، حتى إنهم لم يستطيلوا عليه في البناء، بنيت من سبعة وعشرين مدماكا من الصخور الجبلية، ويقال إن إبراهيم عليه السلام بناها من صخور خمسة جبال هي : حراء وثبير والخير ولبنان وهي من جبال مكة وجبل الطور بصحراء سيناء شرق مصر.
وللكعبة المشرفة أسماء كثيرة غير الأسماء المعروفة التى وردت في القرآن الكريم، منها قادس وناذر والقرية القديمة، وقد جاء فى كتاب " تاريخ الكعبة المعظمة " لمؤلفه حسين عبدالله أن طولها من الجهة الأمامية الشرقية 12,84 متر، ومن ناحية ظهرها الغربية 12,11 متر، ومن جهة حجر إسماعيل الشمالية 11,28 متر، ومن جهة الحجر الأسود واليماني الجنوبية 12,11 متر، وارتفاعها 14 مترا.
"إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين" آل عمران 96
يقول ابن كثير فى تفسيره لهذه الآية : إن الله تعالى أخبر بأن أول بيت وضع للناس، أي لعموم الناس لعبادتهم ونسكهم يطوفون به ويصلون إليه ويعتكفون عنده للذي ببكة، يعني الكعبة التي بناها إبراهيم الخليل عليه السلام ونادى الناس إلى حجه، ولهذا قال تعالى " مباركا " أي وضع مباركا، عن أبي ذر رضي الله عنه قال : قلت يا رسول الله أي مسجد وضع أول ؟ قال " المسجد الحرام " قلت : ثم أي ؟ قال " المسجد الأقصى " قلت : كم بينهما ؟ قال " أربعون سنة " قلت : ثم أي ؟ قال " ثم حيث أدركتك الصلاة فصل فكلها مسجد " في صحيح البخاري.
مرت الكعبة بأحداث كثيرة وشهدت ظلم وطغيان الناس على مر الأزمان، كان أفظعها انتهاك حرمتها بإدخال عبادة الأصنام فيها وتحريف دين إبراهيم عليه السلام، قال ابن كثير فى تفسيره لهذه الآية إن الذى أدخلها هو عمرو بن لحي، وكان سيدا مطاعا جوادا كريما له مكانة كبيرة في نفوس العرب، وقد جلب صنم هبل من الشام وأدخله في جوف الكعبة وجعل له السدنة، قال النبي صلي الله عليه وسلم :" رأيت عمرو بن لحي بن قمعة بن خندق يجر قصبه في النار"، والقصب هي الأمعاء، وكذلك العدوان الذي وقع من قبيلة جرهم عندما زنا أحدهم داخل الكعبة فمسخهما الله تعالى إلى حجرين هما إساف ونائلة، وقد عبدا من بعد، وعندما تفشى ظلم جرهم نضب ماء زمزم وعمد أحد صالحيهم إلى كنوز الكعبة فدفنها في بئر زمزم حتى حفرها عبد المطلب ووجدها.
وما لا يعرفه أكثر الناس أن الكعبة تم بناؤها أربع عشرة مرة منذ بنتها الملائكة ثم آدم عليه السلام وابنه شيث ثم إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وذلك قبل أن تسيطر عليها قبيلة جرهم التي تزوج منها إسماعيل عليه السلام، كما ذكر ابن كثير فى كتابه البداية والنهاية، بعدها أغارت قبيلة خزاعة وأجلت جرهم عن مكة وتولت أمر البيت 300 سنة، حتى أخرجها قصي بن كلاب المعروف بقريش الأكبر، وأعاد بناء الكعبة عام 5 قبل بعثة النبي صلي الله عليه وسلم، وبعد البعثة بناها عبد الله بن الزبير عام 65 ه على ما كان النبي يرغب فيه وتخوف من ردة قريش في وقتها، فجاء الحجاج بن يوسف عام 74 ه وأزال كل ما بناه ابن الزبير وأرجع الكعبة على بناء قريش، وأخيرا قام السلطان مراد العثماني سنة1040 ه بإعادة بنائها، ثم الملك فهد بن عبد العزيز عام 1417هـ .
وأكمل وصفه بأن في الركن الجنوبي للكعبة يوجد الحجر الأسود على ارتفاع 110سم من أرض المطاف وعرضه 17 سم، وكان قطعة واحدة إلا أن الحوادث التي مرت عليه كسرته لثماني قطع أكبرها بحجم التمرة الواحدة، وقد تم ترميم هذه الحجارة ووضعت في حجر آخر ووضع حولها إطار من الفضة صنعه عبد الله بن الزبير وكان أول من فعل ذلك، ومن فضائل الحجر الأسود أنه ياقوت من يواقيت الجنة، وقد حمله النبي صلي الله عليه وسلم بيده ووضعه في مكانه عند بناء قريش للكعبة، وتقبيل النبي صلي الله عليه وسلم له والأنبياء السابقين له، وهو بداية الطواف ونهايته، يستجاب عنده الدعاء، ويشهد يوم القيامة لمن استلمه .
وباب الكعبة مصنوع من خشب التيك ومغلف بـ280 كيلوجراما من الذهب الصافي، ويبلغ طول الباب 310 سم، وعرضه 190 سم، وعلى ارتفاع 225 سم من أرض المطاف، حسب ما ذكر فى كتاب "تاريخ الكعبة المعظمة" ومكتوب في الباب سورة الفاتحة وبعض آيات القرآن و15 اسما من أسماء الله الحسنى، وللكعبة مفتاح طوله 40 سم موضوع في حقيبة حريرية مطرزة بالذهب ومكتوب عليها ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ) النساء 58، ومفتاح الكعبة عهدة حتى اليوم عند بني شيبة، وقد كان مفتاح الكعبة عندهم في الجاهلية، وعندما فتح النبي صلي الله عليه وسلم مكة ودخل الكعبة صلى فيها وأرجع لهم المفتاح وقرأ قوله تعالى ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ) وقال لهم "خذوها يا بني طلحة خالدة تالدة فيكم لا ينزعها منكم إلا ظالم"، وحجابة الكعبة يتوارثها بني شيبة إلى اليوم .
نشرت يوم الأربعاء 12 رمضان 1430هـ / 2 - 9 -2009
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
قول وعبر .. ما تخافشى السكات هو اللى يخوف: