الأربعاء، 16 سبتمبر 2009

مقام إبراهيم





مقام إبراهيم


على جاد

مكان له مكانة لدى المسلمين كان قبل الإسلام يحظى بالمكانة نفسها، حتى إنهم جعلوا منه مزارا مقدسا والآن هو أثر إسلامى حفظه الله منذ إقامة القواعد من البيت العتيق، هو الحجر الذى وقف عليه الخليل عليه الصلاة والسلام حتى بنى الكعبة، وهو حجر رخو من نوع حجر الماء، لونه بين البياض والسواد والصفرة، مربع الشكل ويبلغ طوله نحو نصف متر، ومقام إبراهيم هو الحجر الذي قام عليه نبي الله إبراهيم الخليل (عليه الصلاة والسلام) حين ارتفع بناؤه للبيت، وشق عليه تناول الحجارة، فكان يقوم عليه ويبني، وإسماعيل (عليه السلام) يناوله الحجارة، وهو أيضا الحجر الذي قام عليه للنداء والأذان بالحج في الناس، والمقام حجر ليس بصنوان لونه بين الصفرة والحمرة وهو إلى البياض أقرب، وقد غاصت قدما الخليل فى هذا الحجر، فعمق إحدى القدمين 10 سم والأخرى 9سم، وقد انمحى أثر الأصابع مع مرور الأيام .


"وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى .." سورة البقرة (آية 125)


كان المقام ملصقا بجدار الكعبة قديما، ومكانه معروف اليوم إلى جانب الباب مما يلي الحجر يمنة الداخل من الباب في البقعة المستقلة هناك، كما وصف ابن كثير فى تفسيره لهذه الآية، وكان الخليل عليه السلام لما فرغ من بناء البيت وضعه إلى جدار الكعبة أو أنه انتهى عنده البناء فتركه هناك، ولهذا أمر بالصلاة هناك عند الفراغ من الطواف وناسب أن يكون عند مقام إبراهيم حيث انتهى بناء الكعبة فيه، وإنما أخره عن جدار الكعبة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أحد الأئمة المهديين والخلفاء الراشدين الذين أمرنا بإتباعهم، وهو أحد الرجلين اللذين قال فيهما رسول الله صلى الله عليه وسلم " اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر "، وهو الذي نزل القرآن بوفاقه في الصلاة عنده ولهذا لم ينكر ذلك أحد من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، عن أنس بن مالك قال : قال عمر بن الخطاب :" وافقت ربي في ثلاث أو وافقني ربي في ثلاث : قلت يا رسول الله لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى فنزلت ( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى)، وقلت يا رسول الله يدخل عليك البر والفاجر فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب فأنزل الله آية الحجاب، قال وبلغني معاتبة النبي صلى الله عليه وسلم بعض نسائه، فدخلت عليهن فقلت إن انتهيتن أو ليبدلن الله رسوله خيرا منكن حتى أتت إحدى نسائه قالت : يا عمر أما في رسول الله ما يعظ نساءه حتى تعظهن أنت فأنزل الله (عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات .. ) سورة التحريم الآية ( 5 ).


أصبح الحجر بعد ذلك أداة أسهمت فى بناء الكعبة فكان لزاما الحفاظ عليه إذ لا يعد كسائر الأحجار، ذكر ابن كثير والطبرى فى تفسيريهما لهذه الآية حديثا رواه البخاري بسنده عن عمرو بن دينار قال: سمعت عمر يقول " قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فطاف بالبيت سبعا وصلى خلف المقام ركعتين"، يقول ابن كثير فهذا كله مما يدل على أن المراد بالمقام إنما هو الحجر الذي كان إبراهيم عليه السلام يقوم عليه لبناء الكعبة، ولما ارتفع الجدار أتاه إسماعيل عليه السلام به ليقوم فوقه ويناوله الحجارة فيضعها بيده لرفع الجدار، وكلما كمل ناحية انتقل إلى الناحية الأخرى يطوف حول الكعبة وهو واقف عليه، كلما فرغ من جدار نقله إلى الناحية التي تليها، وهكذا حتى تم بناء جدران الكعبة، وكانت آثار قدميه ظاهرة فيه ولم يزل هذا معروف تعرفه العرب في جاهليتها، ولهذا قال : أبو طالب في قصيدته المعروفة اللامية : وموطئ إبراهيم في الصخر رطبة على قدميه حافيا غير ناعل .. أما الحفرتان الموجودتان فهما ناتجتان عن غوص قدما سيدنا إبراهيم في الحجر بعد أن لينه الله له.


في صحيح البخاري روى من حديث ابن عباس (رضي الله عنهما) في قصة إبراهيم (عليه السلام) وبنائه للبيت، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "فعند ذلك رفعا إبراهيم وإسماعيل القواعد من البيت؛ فجعل إسماعيل يأتي بالحجارة، وإبراهيم يبني، حتى إذا ارتفع البناء جاء بهذا الحجر فوضعه له فقام عليه، وهو يبني وإسماعيل يناوله الحجر وهما يقولان: ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، قال: فجعلا يبنيان حتى يدورا حول البيت، وهما يقولان: ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم"، ذكر هذا الحديث ابن كثير والطبرى فى تفسيريهما لهذه الآية وذكرا أيضا عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :" إن الحجر والمقام ياقوتتان من ياقوت الجنة طمس الله نورهما ولولا ذلك لأضاءتا ما بين المشرق والمغرب "، وفى زمن عمر بن الخطاب لما دخل السيل الحرم المكى الشريف اقتلع المقام من مكانه، ولكن عمر رضى الله عنه بمشاورة أصحابه أعاده إلى مكانه.

وفى جلسة رابطة العالم الإسلامى المنعقدة بتاريخ (25 من ذي الحجة 1384هـ) صدر قرار من الرابطة بإزالة جميع الزوائد الموجـودة حول المقام، وإبقـاء المقام في مكانه على أن يُجعل عليه صندوق من البلور السميك القوي، وفى الثامن من شهر رجب سنة 1387هجرية وضع المقام داخل غطاء زجاجى مصنوع من البلور الفاخر على قاعدة رخامية، وأحيط هذا الغطاء بحاجز حديدي، وعملت له قاعدة من الرخام نصبت حول المقام لا تزيد مساحتها على 180 في 130 سنتيمترا بارتفاع 75 سنتيمترا، واتسعت رقعة المطاف وتسنى للطائفين أن يؤدوا مناسك الطواف في راحة ويسر، وخفت وطأة الزحام كثيرا.


نشرت يوم الإثنين 24 رمضان 1430 هـ / 14 -9-2009

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قول وعبر .. ما تخافشى السكات هو اللى يخوف:

قائمة المدونات الإلكترونية