أماكن فى القرآن
على جاد
مكان عرف قديما وحديثا، ومنذ آلاف السنين ويعد قلب العالم، تمتع بموقع جغرافي متميز، فكان ملتقي قارات العالم القديم أفريقيا وأسيا وأوروبا، مصر .. ذكرت فى القرآن الكريم أكثر من مرة كانت أشهرها فى قصة سيدنا يوسف وموسى عليهما السلام...
وكانت على الدوام ملتقى للتفاعل الحضاري بين الشرق والغرب، وبين الشمال والجنوب، وكانت البرزخ الذي مرت منه الديانات السماوية إلي العالم، فانعكس كل ذلك على تكوين الإنسان المصري، ليتمسك بقيم التسامح والاعتدال والتفاعل مع الآخر، وقد شهدت مصر خلال الحكم الإسلامي نهضة شاملة فى العمران والفنون تمثلت فى العمارة الإسلامية بإنشاء العديد من المساجد والقلاع والحصون والأسوار، كذلك الفنون الزخرفية التى تمثلت فى أول عاصمة إسلامية فى مصر، وهى مدينة الفسطاط، وبها جامع عمرو بن العاص ويعد مقياس النيل بجزيرة الروضة أقدم أثر مصرى إسلامى والذى أنشأه الخليفة العباسى المتوكل بالله عام 245هـ.
"فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين" سورة يوسف آية (99)
شهدت أرض مصر الكثير من الأحداث القرآنية لأنبياء فروا منها وأنبياء رحلوا إليها ليلتمسوا فيها الأمان، ففى قصة سيدنا يوسف ذكر ابن كثير فى تفسيره لهذه الآية أن الله تعالى يخبر عن ورود يعقوب ـ عليه السلام ـ على يوسف، وقدومه بلاد مصر لما كان يوسف قد تقدم لإخوته أن يأتوه بأهلهم أجمعين فتحملوا عن آخرهم، وترحلوا من بلاد كنعان قاصدين بلاد مصر....
فلما أخبر يوسف ـ عليه السلام ـ باقترابهم خرج لتلقيهم، وأمر الملك أمراءه وأكابر الناس بالخروج مع يوسف لتلقي نبي الله يعقوب ـ عليه السلام ـ ويقال إن الملك خرج أيضا لتلقيه، ثم لما وصلوا باب البلد قال :" ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين " اسكنوا مصر إن شاء الله آمنين، أي مما كنتم فيه من الجهد والقحط ؟ ويقال إن الله تعالى رفع عن أهل مصر بقية السنين المجدبة ببركة قدوم يعقوب عليهم، كما رفع بقية السنين التي دعا بها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ على أهل مكة حين قال(اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف) ثم لما تضرعوا إليه واستشفعوا لديه وأرسلوا أبا سفيان في ذلك فدعا لهم فرفع عنهم بقية ذلك ببركة دعائه ـ عليه السلام....
لقاء تملؤه اللهفة والشوق مدفوعا بحب أبوى ظل ملتاعا حيرانا قلقا على ابنه، لقاء بين نبيين على أرض مصر، ذكر الطبرى فى تفسيره لهذه الآية وصفا لهذا اللقاء، قال : لما ألقي القميص على وجهه ارتد بصيرا، وقال : ائتوني بأهلكم أجمعين ! فحمل يعقوب وإخوة يوسف، فلما دنا أخبر يوسف أنه قد دنا منه، فخرج يتلقاه قال : وركب معه أهل مصر؛ وكانوا يعظمونه، فلما دنا أحدهما من صاحبه، وكان يعقوب يمشي وهو يتوكأ أحد أبنائه يقال له يهوذا، قال : فنظر يعقوب إلى الخيل والناس، فقال : يا يهوذا هذا فرعون مصر ؟ قال : لا، هذا ابنك، قال : فلما دنا كل واحد منهما من صاحبه، فذهب يوسف يبدؤه بالسلام، فمنع من ذلك، وكان يعقوب أحق بذلك منه وأفضل، فقال : السلام عليك يا ذاهب الأحزان عني، هكذا قال : "يا ذاهب الأحزان عني".
فرعون مصر ونبى الله موسى قصة عرفها الناس، بل يسترجع التاريخ أحداثها كل يوم وتدور أحداثها مع اختلاف الأشخاص والأدوار وطرق الاختلاف والاتفاق، يقول المولى عز وجل : "وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوآ لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين" سورة يونس الآية (87)، ذكر ابن كثير فى تفسيره لهذه الآية كيف بين سبحانه وتعالى سبب إنجائه بني إسرائيل من فرعون وقومه وكيفية خلاصهم منهم، وذلك أن الله تعالى أمر موسى وأخاه هارون ـ عليهما السلام ـ أن يتبوآ أي يتخذا لقومهما بمصر بيوتا..
واختلف المفسرون في معنى قوله تعالى: " واجعلوا بيوتكم قبلة "، عن ابن عباس قال أمروا أن يتخذوها مساجد، وقد كانوا خائفين فأمروا أن يصلوا في بيوتهم، فلما اشتد بهم البلاء من قبل فرعون وقومه وضيقوا عليهم أمروا بكثرة الصلاة، عن ابن عباس في تفسير هذه الآية قال : قالت بنو إسرائيل لموسى عليه السلام لا نستطيع أن نظهر صلاتنا مع الفراعنة، فأذن الله تعالى لهم أن يصلوا في بيوتهم وأمروا أن يجعلوا بيوتهم قبل القبلة خوفا من فرعون أن يقتلهم.
وعندما بحثت عن معنى اسم مصر وجدت فى كتاب "الروض الآنف" لابن هشام رأيا قال فيه: سميت مصر بمصر بن النبيط، ويقال ابن قبط بن النبيط من ولد كوش بن كنعان، وذكر ابن هشام أن بها قرية بالصعيد تسمى "حفن" هى قرية أم إبراهيم بن النبي - صلى الله عليه وسلم، وهي التي كلم الحسن بن علي - رضي الله عنهما - معاوية أن يضع الخراج عن أهلها، ففعل معاوية ذلك حفظا لوصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بهم ورعاية لحرمة الصهر، وقد تزوج النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ من مارية بنت شمعون التي أهداها إليه المقوقس، وأهدى إليه أيضا قدحا من قوارير فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشرب فيه، ويقال أن هرقل عزل المقوقس لما رأى من ميله إلى الإسلام، كما ذكر أن أم إسماعيل "هاجر" من قرية تسمى "أم العرب" من مصر.
نشرت يوم الأحد 23 رمضان 1430 هـ / 13 - 9-2009
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
قول وعبر .. ما تخافشى السكات هو اللى يخوف: