مدرس الخصوص.. والفتنة النائمة (1)
بقلم: على جاد
لم أكن أفكر فى نشر هذه الحكاية وقد مر عليها ما يقرب من 9 سنوات، لكن
أحداث الخصوص الأخيرة جعلتنى أقلب البيت رأسا على عقب بحثا عن (الأجندة السوداء)
التى صحبتنى فى تلك الفترة، أدون بها بعض الملاحظات عن الحياة والبشر، وأحيانا كنت
أدس بين صفحاتها شيئا من مذكراتى الشخصية.. فما أجمل أن تخاطب الورق وتصاحب القلم
لتبث همومك وأوجاعك دون انتظار رد أو مشورة أو لوم.. أنت فقط تسجل أحداثا قد لا
يقرأها غيرك، ربما فى يوم ما تعود إليها وتجد حنينا لتذكرها أو إحساسا بالسخرية من
لعبة الأيام مع البشر.
وجدت (الأجندة السوداء) بعد عناء من البحث وصراخ وتوسلات زوجتى بأن أعيد ما
(كركبته) لمكانه، لكنى لم أفعل.. حملت الأجندة بين يديى وسرت بتؤدة وكأنى أحمل
رضيعا أهدهده وأتأمل ملامحه.. كانت عيناي تلتهم الورق وتدقق فى سطور الحبر الباهت
بشغف بحثا عما كتبته عن (الفتنة) التى عشتها فى مدينة الخصوص يوم الخميس الموافق
18 مارس 2004(هكذا سجلت التاريخ واليوم فى الأجندة) وكنت طرفا أساسيا فيها بل كنت
من أيقظها دون قصد.
بدأت الحكاية بالبحث عن عمل.. طفت فيه كل الصحف المصرية، الكل رحب، ليس
لموهبتى الفذة فى الكتابة، لكن لأنهم لا يعطون أى فلوس؛ بمعنى (أهلا بك للتدريب
بدون مقابل)، وكان ذلك صعبا بالنسبة لى، حيث تركت بلدتى وأتيت إلى القاهرة سعيا
وراء حلم العمل فى بلاط صاحبة الجلالة.
وبعد أن فقدت الأمل فى أن أجد عملا بمقابل فى الصحافة لم أجد أمامى إلا
البحث فى وزارة التربية والتعليم، ومن إدارة لإدارة رمانى القدر فى (مدرسة الأمير
الإعدادية بنين بالخصوص) أعمل مدرسا بالحصة، كانت الحصة وقتها بـ 175 قرشا.. أظل
45 دقيقة (أبح) فى صوتى شرحا للعيال؛ ولأن مدير المدرسة يعرف أن مدرسى الحصة
(غلابة) كان يعطينى 6 حصص فى اليوم.. وأخر اليوم الدراسى أعطى درسا خصوصيا فى
مجموعات التقوية التى كانت تنظمها المدرسة.
كان فصل 1/6 (أولى سادس)هو الفصل الأساسى فى جدول حصصى، أعطيه حصة اللغة
العربية كل يوم وحصتى التربية الدينية أسبوعيا، وكان به 40 طالبا منهم عشرة طلاب
مسيحيين، وكان من المتبع فى حصة التربية الدينية أن يخير الطلاب المسيحيون بين الحضور
أو الذهاب إلى فناء المدرسة، وكنت بدورى قبل بداية حصة الدين أترك باب الفصل
مفتوحا ليخرج من يريد الخروج، وكانوا جميعا يخرجون، وفى ذات يوم خرج 6 طلاب وبقى
4، فقلت لهم: (حابين تحضروا الحصة) فأجابونى بـ(نعم) وتكرر هذا الموقف أكثر من
مرة، وفى إحدى المرات وجدت الطلاب العشرة يحضرون الحصة جميعا.. وبعدها وقعت
الفتنة.
البقية الأسبوع القادم.. إن شاء الله
نشر بجريدة الأهرام يوم الثلاثاء 15 أبريل 2013
http://www.ahram.org.eg/NewsQ/204591.aspx
نشر بجريدة الأهرام يوم الثلاثاء 15 أبريل 2013
http://www.ahram.org.eg/NewsQ/204591.aspx
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
قول وعبر .. ما تخافشى السكات هو اللى يخوف: