مدرس الخصوص.. والفتنة النائمة (2)
بقلم: على جاد
فى مقال الاسبوع الماضى حاولت أن أضع مقدمة منطقية لما سأتحدث فيه بعد ذلك، وكان لابد من شرح الظروف التى جعلتنى أعمل فى مدرسة الخصوص وأسكن فى (حارة المسجد الكبير، عطفة المشد) وسط منطقة الخصوص، وما كتبته حقيقة أنقلها بأمانة للقارئ، حتى وإن كانت هذه الحقيقة صادمة أو مزعجة، فالمشكلات لا تحل إلا بالمواجهة وحيادية النقل والتناول الصحيح للحلول المطروحة.
فقد صدمنى تعليق الدكتور (بطرس الجاولى) على المقال السابق، ولفت انتباهى
إلى مشكلة نظنها هينة، وهى التفرقة بين تلاميذ المدارس أثناء حصة التربية الدينية،
وما لهذه التفرقة من أثر نفسى سيئ يلازم الإنسان طوال حياته، اقرأوا التعليق رقم
(1) فى المقال السابق، ولو أننى كنت أتمنى نشره اليوم، لكن التزما بإكمال ما بدأته
سأتحدث عن باقى الحكاية أولا.
كانت الحصة التى اجتمع فيها التلاميذ العشرة يوم الأربعاء الموافق 17 مارس
2004 هى بداية الفتنة، ولم أعرف ذلك إلا فى اليوم التالى عندما دخلت المدرسة
باكرا، وكنت حريصا على حضور طابور الصباح لأقف خلف الطالب الذى يقرأ القرآن الكريم
فى الإذاعة المدرسية لرده حينما يخطئ، بعدها أسير بين التلاميذ الذين أصبح بينى وبينهم
ألفة ومحبة واحترام، ليس لتلك العصا التى فى يدى بل لشخصى الذى نال احترامهم.
بعد انتهاء الطابور قابلنى الأستاذ أحمد محمد (مدرس مادة الانجليزى)، كانت
ملامح وجهه تحمل غضبا لم أعتده منه ولم أره من قبل، سألته عن السبب فقال (إيه اللى
قلته فى فصل أولى سادس امبارح فى حصة الدين؟!)، تعجبت من غضبه (ما الذى قلته؟!)،
اقترب منى أكثر وهمس فى أذنى (العيال المسيحيين بيقولوا إنك تعيب فى دينهم، وتقول
إن سيدنا عيسى سوف يسجد لسيدنا محمد، وإن باقى الفصل من العيال المسلمين ضحكوا
عليهم).
ابتعد خطوة للوراء وزادت نبرة صوته حدة (انت كده يا أستاذ على سوف تلقى
بنفسك فى الهلاك وتسير فى طريق لن تستطيع تحمل عواقبه)، ثم اقترب منى ثانية هامسا
(العيال أكدوا لى أن أولياء أمورهم سيرفعون الأمر للكنيسة وأنهم سيبلغون عنك أمن
الدولة، وكتبوا مذكرة يتهمونك فيها بأنك تزدرى الأديان وتحرض على فتنة طائفية بين
المسلمين والمسيحيين).
تمركزت عيناى فى رأسى دهشة وذهولا مما سمعته، للوهلة الأولى شعرت بالخوف من
هذا الحديث؛ لأنى وحيدا فى هذه البلدة لا عائلة ولا أقارب ولا أصدقاء، لكن سرعان
ما تبدل الخوف إلى شجاعة وهمة وتحدى، ليس لأنى فتوة أو قريبى اللواء فلان أو علان،
ولكن لأن ما قيل أكذوبة مختلقة من العيال ومسكوا فيها الكبار، وبدأت أسمع
التهديدات من زملائى المدرسين، وكان زعيمهم فى هذا الموقف الأستاذ عيد نسيم (مدرس
الرياضة)، والأستاذ هانى قدوس (مدرس الدراسات).
البقية الأسبوع القادم.. إن شاء الله
نشر بجريدة الأهرام يوم الثلاثاء 23 أبريل 2013
http://www.ahram.org.eg/NewsQ/206098.aspx
نشر بجريدة الأهرام يوم الثلاثاء 23 أبريل 2013
http://www.ahram.org.eg/NewsQ/206098.aspx
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
قول وعبر .. ما تخافشى السكات هو اللى يخوف: