الثلاثاء، 21 مايو 2013

تمرد صديقى الإيرانى

تمرد صديقى الإيرانى


تمرد صديقى الإيرانى
بعيدا عن حملات "تمرد" و"تجرد" و"مؤيد" التى يجرى الترتيب لها الآن فى كل شوارع مصر وحواريها.. وبمناسبة الأحداث القادمة سأتحدث عن تمرد آخر ليس مصريا ولا عربيا.
فمنذ عام تقريبا قبل زيارة مصر التاريخية لإيران، تعرفت على ناشط حقوقى إيرانى، كان يرسل لى بصفة دائمة أخبارا عن مخيمات (أشرف) على الحدود العراقية وعن الانتفاضة الإيرانية والمظاهرات التى تجوب شوارع طهران والاشتباكات التى تحدث بين الشباب المتمرد وقوى الأمن الملالي.
كنت أقرأ رسائله التى يرسلها لى عبر الإميل الخاص أو من خلال (الشات) عبر موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك، وأتعجب من إصراره على مراسلتى، وسألته يوما عن ذلك فكان رده دبلوماسيا مؤكدا أن ما يفعله هو نوع من اطلاع أكبر عدد ممكن عما يجرى هناك فى بلاده، لكن ما زال فى يقينى أن الهدف من ذلك شىء آخر ربما سيتضح فى الأيام المقبلة.
وتبادل معى بعض النقاشات المبتورة حول الحكم فى إيران والاضطهاد الطائفى والسياسى الذى تعانى منه المعارضة الإيرانية، وفى كل رسائله كان يحذر من خطورة عودة العلاقات بين مصر وإيران، ملخصا خوفه فى أن الهدف من ذلك التقارب هو سيطرة حكام إيران على شعوب المنطقة و(الحلم الفارسى)، وقد لفت انتباهى لفظ (حكام إيران)، وكأن الدولة يحكمها أكثر من حاكم، حاولت أن أفهم ماذا يقصد لكن ما قاله لا يصلح للنشر.. وهذا نص إحدى رسائله وسأترك لكم التعليق:
"من دواعي فخري تشرفت بلقائك عبر الانترنت، بودي أن أشرح لكم موجزا عن سيرتي الشخصية إنني أحد المعارضين الإيرانيين، وقد خرجت من بلدي قبل سنوات متمردا على الحاكم ورافضا سياسة الحكم؛ لأن الظلم في إيران والنظام الحاكم لم يسمح لي باستمرار الحياة، وبهذا اخترت الخروج من بلدي والنضال ضد الدكتاتوري.. ولهذا (أناشط) لتحقيق الحرية والديمقراطية في بلدي الحبيب، وقد سمعت وشاهدت في هذه الأيام كثيرا عن ثورتكم وعن نضالكم وعن نجاحكم في درب الحرية، وبودي أن أستفيد من تجاربكم في هذا الدرب أولا، وأيضا أخذ مساعدات معنوية في عملي كناشط فى حقوق الإنسان.
فالوقوف بوجه الحكام المتطرفين والظالمين في إيران وفي هذا الدرب واجب وطني وديني وإنساني لكل إنسان شريف.. ليس حافزي لتقديم هذا الكلام كوني إيرانيا فحسب، بل أرى بأم عينيي أن خطر حكام إيران على شعوب المنطقة أكثر من أي وقت مضى، وحكام الظلام متربصون بكل فرصة لاستغلالها لأجل انقياد الشعوب تحت غطاء وذريعة الدين، ولكن الدين الحنيف بريء منهم، وهذا النظام لا يمت بأي صلة للإسلام نهائيا والرسول بريء منهم، لأن تعاليم الدين الإسلامي هي السماحة والعدل.
أخي الكريم، أولا أشكرك على انتباهك، وثانيا برغم عجزي في الكلام بما أنني إيراني أحاول التحدث بلغتكم، لكن يشرفني بمعرفة قراءتك وانطباعك على فحوى كلامي.. استودعكم الله على أمل أن التقي بردكم عن قريب.. أتمنى لك كل النجاح والموفقية.. مع الود أخوكم المخلص مجد أميري".. انتهى نص الرسالة.
لحظة:
يبدو أن الرياح ستأتى بما لا تشتهى مصر..!

الثلاثاء، 14 مايو 2013

مدرس الخصوص.. والفتنة النائمة (5)



مدرس الخصوص.. والفتنة النائمة (5)

بقلم: على جاد

كان من الممكن أن أختصر أربعة مقالات مضت فى مقال واحد، لكن هل ستتم الفائدة من رصد لواقع عشناه ونعيشه وسوف يتكرر كثيرا فى حياتنا.. أظن أن الفتنة النائمة التى يتم إيقاظها كلما تطلب الأمر ستظل كما هى؛ حتى يرجع الشعب المصرى كما كان.. أخلاقا وسلوكا وحبا ودفئا ووطنية وسلمية مع نفسه والآخرين.. ويرفع من جديد الهلال مع الصليب لبناء مصر.

وسأحاول اختصار عدة مقالات كان من المفروض أن أكتبها لتكتمل الصورة، وسأكتفى بنشر ملخص لما جرى فى مقال اليوم والأخير، فبعض التعليقات على المقالات السابقة جعلتنى أعدل عن نشر ما حدث تفصيليا..

وقفنا الأسبوع الماضى عند شرح الآية لتلاميذ الفصل فى حضور التلاميذ المسيحيين.. لم يكن تعليقى على ظاهرة النور الخارج من الكعبة وقبر النبى صلى الله عليه وسلم من باب (الدروشة) والخرافات وادعاء الكرامات بل شرح وتفسير لمعنى بلاغي تضمنته الآية ارتبط بظاهرة اكتشفتها وكالة (ناسا) الأمريكية متعلقة بالآية.. وبعد أن عرفت المدرسة كلها ما حدث وبينما أعيش الحيرة شارد الفكر فإذ بناظرة المدرسة تستوقفنى فى إحدى طرقات المدرسة، وأخذت تشرح لى خطورة الموقف وأنها لا تستبعد أن يقوم أولياء الأمور بفعل شيء يضرنى عند خروجى من المدرسة، وأثناء حديثى معها ضرب جرس انتهاء (الفسحة).

كان من المقرر أن أدخل فصل أولى سادس فنصحنى المدرسون بأن أترك هذه الحصة لحين تجهيز مدرس لغة عربية غيرى لهذا الفصل فرفضت، ودخلت الفصل وفى وجهى ألوان من الغضب، وبدا الفصل على غير عادته فى هدوء تام وكأن ليس به أحياء.. وبدأت فى كتابة الدرس على السبورة وكأن شيئا لم يكن، وبينما أكتب سمعت تلميذا ينادينى بصوت متهدج، فقلت "لحظة يا بنى" ولم ألتفت إليه، وقد أرجأت الرد عليه لحين انتهائى من الكتابة على السبورة، وإذ بناظرة المدرسة تدخل الفصل وكان باب الفصل مفتوحا.. فتوقفت عن الكتابة على صوت الناظرة تحدث من يقف خلفى.. نظرت فوجدت ثلاثة تلاميذ مسيحيين.. تسألهم الناظرة ماذا تريدون ولماذا تقفون هكذا؟! فأجابوا قائلين: "نريد الاعتذار للأستاذ على.. ونقول له احنا غلطانين.."، لم تمهلهم الناظرة يكملون كلامهم وأطلقت سيلا من التوبيخ والتحذير والوعيد لكل من يحاول أن يكذب أو يفتن أو يثير أى مشكلة داخل المدرسة أو حتى خارجها، ثم وجهت لى الحديث قائلة: "أستاذ على.. أى عيل يحاول إثارة أى شغب أو أية مشاكل فى هذا الفصل أشبعه ضربا وأنا المسئولة".

انتهت الحصة وجلست فى فناء المدرسة مع زملائى المدرسين لأستمع إلى مكلمة وشد وجذب حول المشكلة وعواقبها، فوجدت ضعفا وخوفا وتخاذلا فى حديثهم، وأقل جملة قيلت "انت مش كد الناس دى"، كان يعتصرنى الألم لما أره وما وصلنا له.. أصبحت (قِصفة) من الورق يكتبها مسيحى فى مسلم أو مسلم فى مسيحى ويتجه بها إلى أمن الدولة يحبس فيها أى الطرفين أو الاثنان معا ولو كان أحدهما على حق.

وفى يوم السبت 20مارس 2004 دخلت فصل أولى سادس فوجدت الناظرة ووكيل المدرسة وأربعة مدرسين يستجوبون التلاميذ، وكانت المفاجأة أن كل ما كتب فى مذكرة الآباء لم أقله ولم يذكره العيال لآبائهم، وأنه مجرد تهديد وتخويف حتى لا أترك التلاميذ المسيحيين مرة أخرى يحضرون حصة التربية الدينية، هذا ما همست به الناظرة فى أذنى وقالت "فهمت.. فافعل"، وظننت الأمر انتهى عند ذلك، لأجد أحد زملائى المدرسين يزورنى فى سكنى ليلا ويخبرنى بأن الأمر لم ينته عند ذلك، فهو انتهى بالنسبة لإدارة المدرسة، وهذا ما كانت تسعى إليه الناظرة خوفا من وصول الأمر لمسئولى التعليم بالمديرية، أما بالنسبة لك فالمشكلة مازالت قائمة وأمن الدولة وصلته المذكرة لكن بشكل آخر مختلف تماما وبعيدا عن حوارات المدرسة، وقد وصل زميلى لهذه المعلومة من قريب له يعمل فى مكتب أمن الدولة بمنطقة الخصوص.. بعدها استغنت وزارة التربية والتعليم عن خدماتى وأبلغتنى إدارة المدرسة بأن مع نهاية العام الدراسى ستنتهى فترة تدريسى بالمدرسة.

نشر بجريدة الأهرام يوم الثلاثاء 14/ 5/ 2013
http://www.ahram.org.eg/NewsQ/209766.aspx

الأربعاء، 8 مايو 2013

المُولـِدْ: الأقمار الصناعية تكشف عن مجمع البحرين المذكور بالقرآن

الأقمار الصناعية تكشف عن مجمع البحرين المذكور بالقرآن




أكد الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بسيناء ووجه بحرى أن مجمع البحرين المذكور بسورة الكهف من الآية 60 إلى 82 يقع بمنطقة رأس محمد بشرم الشيخ عند نقطة التقاء خليج العقبة وخليج السويس بجنوب سيناء مستنداً للدراسة العلمية للأثرى عماد مهدى عضو جمعية الأثريين المصريين والمسح التصويرى الفضائى باستخدام تقنية تصوير الأقمار الصناعية التى حددت موقع لقاء نبى الله موسى والخضر عليهما السلام على أرض سيناء منذ حوالى 3200 سنة تقريبا وأن التوصيف اللغوى لكلمة مجمع البحرين لا ينطبق جغرافياً على أى مكان فى العالم إلا فى رأس محمد وهى مجمع خليجى العقبة والسويس فى بحر واحد هو البحر الأحمر.

ولفظ مجمع يختلف عن لفظ التقاء ويضيف الدكتور ريحان بأن الأقمار الصناعية كشفت عن موقع صخرة الحوت نقطة اللقاء بين نبى الله موسى والرجل الصالح الخضر وهى الصخرة الوحيدة التى تتوسط طريق الدخول لرأس محمد وتقع فى خط مستقيم فى طريق الوصول لأخر نقطة فى اليابسة فى موقع مجمع البحرين.

وكما هو موضح بالخريطة فإن المسافة المرجحة التى قطعها الحوت من الصخرة حتى المياه العميقة تبلغ حوالى 2كم والمسافة التى قطعها نبى الله موسى من نفس الصخرة حتى نقطة الارتداد واكتشاف فقدان الحوت توازى نفس المسافة 2كم.

ويشير الدكتور ريحان لكشف الممر المائى للحوت الذى حدد القرآن الكريم الطريق والطريقة التى أتخذها الحوت مرتين مرة فى قوله تعالى (فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبا) ومرة (وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً) وفى الآيتين جاء الذكر والتأكيد على اتخاذ الحوت سبيلا للخروج من المياه الضحلة إلى المياه العميقة باتخاذ السبيل وتعنى الطريق.

وقد وصف القرآن معجزة شق الطريق إلى البحر وعودة الحياة للحوت والمعروف بمنطقة الخليج الخفى بجنوب رأس محمد وهذا يفسّر وجود مجرى مائى دائم فى منطقة الخليج الخفى برأس محمد ويضيف الدكتور ريحان أن الأقمار الصناعية كشفت عن الرصيف البحرى التى رست عليه سفينة العبد الصالح الخضر وهو الشاهد الأثرى على تأكيد موقع مجمع البحرين برأس محمد ومنه تم تحديد خط سير السفينة إلى رأس محمد وتحديد وجهتها ويقع هذا الرصيف على بعد 300م من صخرة اللقاء ويجتاز هذا الرصيف الجدار المرجانى على الشاطئ لمسافة 50م حتى الغاطس وعرضه من 6 إلى 8م ويتكون من صخور جرانيت وحجر رملى منقول ويتوسط الرصيف البحرى القديم شاطئ الميناء على الساحل الغربى لرأس محمد والمطل على خليج السويس على شكل نصف دائرة مساحتها حوالى كيلو متر واحد.

وعن خط سير سفينة الخضر يوضح الدكتور عبد الرحيم ريحان أن أحداث التاريخ تؤكد أن السفينة كانت قادمة من خليج السويس وفى طريقها لخليج العقبة وذلك لوقوع خليج السويس تحت سيادة مصر القديمة الدولة ذات النفوذ الكبير بالمنطقة والتاريخ المصرى لم يسجل أى أعمال قرصنة فى البحار بينما يختلف الوضع فى خليج العقبة والبحر الأحمر وقد كانت منطقة مهددة بأعمال القرصنة البحرية لوجود دويلات صغيرة على جانبيها مثل حضارات سبأ وحمير فى اليمن والثموديين واللحيانيين فى شمال الجزيرة وقد سجل التاريخ فى غضون العام 1200 قبل الميلاد حدوث إضرابات فى منطقة الشرق الأدنى القديم بسبب هجرات الشعوب الهندو أوربية.

كما أن البحر الأحمر عرف منذ أقدم العصور كأحد طرق التجارة القديمة وقد سجلت الآثار المصرية سفن لم تكن معروفة فى وادى النيل وقد وفدت إلى مصر شعوب فى هذه السفن ووصلوا من الجنوب ومن الشرق واتخذوا طريق ( القصير- قفط ) فى رحلاتهم وقد سجلوا رسوما لسفنهم على صخور بعض دروب الصحراء الشرقية.

الثلاثاء، 7 مايو 2013


مدرس الخصوص.. والفتنة النائمة (4)


بقلم: على جاد


مازلت فى مكتب وكيل المدرسة أنظر إليه وهو يعض بالنواجز على حروف كلمة (أمن الدولة).. كان ذكر اسم هذا الجهاز كفيلا بأن يجعل الثلج نارا والقط فأرا والعمار خرابا، وتهديدا بالضياع والعدم وشطب أسماء الناس من كشف الأحياء..

 قلت للوكيل: فى الفصل 40 تلميذا لن يقولوا إلا الصدق.. أريد أن تصعد لهم وتسألهم إن كنت قلت هذا الكلام أم لا، وتركته ومضيت وفى قلبى حزن شديد لما يحدث، فلم تصدر منى أى إساءة للدين المسيحى، ولم أتلفظ بهذه الكلمات التى لا تصح أن تخرج من مدرس لغة عربية وتربية دينية، ولا يقوله حتى الجاهل.

وقضيت طوال اليوم فى وقفات جانبية مع كل زملائى المدرسين الذين يزيد عددهم على العشرين مدرسا.. كل واحد فيهم كان يحدثنى حديثا خاصا ومختلفا عن الآخر ما بين نصيحة بترك المدرسة ومدينة الخصوص، وبين تهديد وخوف ورعب ووعيد.. أشياء محبطة، فالكل كان حريصا على ألا يخطئ أو يعيب هذا الفعل بالرأى الذى قد يؤدى به إلى المساءلة، وما أدهشنى وأكد الضعف والخوف الذى نعيشه وقتها إشاعة اليد الخفية التى تتحكم فى اقتصاد ومصائر الخلق ومعيشتهم فى مصر عندما قال لى أحد الزملاء "الناس دى مسنودة..".

وأخذ يذكرنى بأمريكا ويدها الطولى التى تمتد معنا فى كل شىء بطريق مباشر وغير مباشر، وشعرت وكأننى لو تمسكت برأيى فقد تغضب صاحبة المعونة، ووقتها قد تمنعها وأكون سببا فى حرمان الكثير من الفقراء من رغيف الخبز الذى نستورد قمحه من أمريكا، وهو أقل ما يأكله الفقراء ليردوا جوعهم الدائم، خاصة فى تلك الأيام التى أعقبت دخول أمريكا العراق وتشتيت شعبها.
توسعت الأفكار والهواجس بعقلى وتضارب الآراء.. يأخذنى التفكير لأشياء غريبة وإذ بى أئد كل ما يشغل رأسى وأسير بين فصول المدرسة وطرقاتها مرفوع الرأس.. سمعت تلميذا يقول لزميله: "الأستاذ على هيودوه ورا الشمس".. فشعرت بسكين يغرس فى قلبى، حتى الخوف ولد مع الصغار! وأخذت أصد كل من يقابلنى بردود قاطعة، ولم أتقوقع على نفسى وأدفن رأسى فى التراب، وطلبت منهم إيصال الموضوع إلى أخر الدنيا فلن أخشى شيئا.

وإذ بناظرة المدرسة تطلب منى أن أهدأ، فهى لا تريد أن يصل الأمر لأمن الدولة والكنيسة، وطلبت دون علمى بتجهيز لجنة من مجلس إدارة المدرسة يكون فيها الأساتذة هانى قدوس وعيد نسيم وعز ميخائيل.. الثلاثة المتمسكون بإحالة الأمر لـ(جهاز أمن الدولة)، ودخلوا فصل أولى سادس وبدأوا فى استجواب التلاميذ، وكان على رأس اللجنة ناظرة المدرسة.. بعد ذلك علمت بما دار داخل الفصل، حيث شهد التلاميذ من الطرفين بأننى لم أقل ما قرأته الناظرة عليهم، وهو ما كتبه أولياء الأمور فى المذكرة، وقالوا إنه كذب ولم أتكلم إلا عن المعجزة التى ظهرت فى وسائل الإعلام العالمية، والتى أذهلت العالم وهى مشاهدة رواد الفضاء الأمريكية لوكالة (ناسا) أثناء دورانهم حول الأرض والتقاط صور للكرة الأرضية من فوق سطح القمر، فوجدوا أن الكرة الأرضية كلها مظلمة تماما، ولم يجدوا فيها شيئا مضيئا إلا مكانين فقط، وهما الكعبة المشرفة بمكة وقبر الرسول (صلى) بالمدينة، وأزاعوا الخبر مضطرين عندما صرح به أحد علماء الفضاء الموجودين بالرحلة، وكان هذا الحدث مرتبطا بآية فى المنهج الدراسى فى قوله تعالى:" يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا....".

البقية الأسبوع القادم إن شاء الله  

نشر  بجريدة الأهرام يوم الثلاثاء 12 مايو 2013

http://www.ahram.org.eg/NewsQ/208536.aspx

مدرس الخصوص.. والفتنة النائمة (3)


بقلم: على جاد

بسبب خطأ فنى فى طريقة النشر الالكترونى تأخر مقال الأسبوع الماضى 15 ساعة عن توقيت نشره، واقترح مدير تحرير الموقع علىّ أن ينشر فى اليوم التالى حتى يظل 24 ساعة كاملة منشورا، لكنى فضلت نشره الـ 9 ساعات الباقية من اليوم لأظل عند الوعد بإكمال ما بدأته..

اللقاء الفاتر غير المعتاد من زملائى بالمدرسة خاصة الأستاذين عيد نسيم وهانى قدوس اللذين كنت أحبهما واحترمهما وأتبادل معهما الحديث فى كل شىء زادنى توترا، حيث كانا يقابلانى دائما بابتسامة عريضة كنت أظنها ابتسامة صافية نابعة من القلب، ولم أفكر ولو للحظة أن أفسرها غير ذلك.. ابتسامة الأخوة فى بنى الإنسانية وأولاد آدم، حتى ولو كانت الديانة تختلف.

كان الأستاذ هانى قدوس يتمنى ألا يمد يده لولا أن دفعته ليضعها فى يدى وهو يمقتنى ويمقتها، أما الأستاذ عيد نسيم فكست وجهه نفس الابتسامة وكأن شيئا لم يكن، صعدت الى الدور الثالث حيث ميعاد الحصة الأولى فى فصل (أولى أول)، وفى أثناء شرح الحصة فاجأنى الأستاذ عز ميخائيل واقفا على باب الفصل، وبلهجة غاضبة ودون أن يسلم علىّ قال: "وكيل المدرسة عايزك فى مكتبه"، أيقنت على الفور أن هذا الاستدعاء بخصوص ما قيل.

وما أن وقفت أمام الأستاذ (أحمد عرفة) وكيل المدرسة حتى وجدته يلتفت يمينا ويسارا ثم قام من مكتبه متجها إلى باب الحجرة أغلقه واقترب منى متحدثا بصوت خافت "ايه اللى انت عملته ده؟!! انت عايز تودى نفسك فى داهية"، ثم دار حولى نصف دائرة حتى قابله كرسى مكتبه فجلس عليه واضعا يديه فوق سطح المكتب كالمتأهب لمفاجأة، رددت بنفس الاسلوب واضعا يدى على مكتبه "ماذا قلت؟! " مد يده فى عجالة وخلع نظارة الشمس التى لا يخلعها ليلا ولا نهارا ليرينى حمرة عينيه أو كما يقال فى المثل الشعبى "وريه العين الحمرة"،وبدأ يقص (الكدبة):
 "قلت فى فصل أولى سادس إن سيدنا عيسى بن مريم سوف يسجد لسيدنا محمد وأن دين الإسلام خير الأديان، وأنه الدين الحق وأن ما عداه باطل"، ثم وضع سيجارته فى طفاية السجائر الخشبية التى تفوح منها رائحة التبغ المحروق، وفتح درج مكتبه وأخرج ورقة لا يظهر لها بياض من كثرة ما هو مكتوب، وبدأ يقرأ ما فيها حتى وصل إلى "وقد قام المدرس المذكور بالاستهزاء بالدين المسيحى والسخرية منه واتهم المسيحيين بأنهم كفرة ومصيرهم النار وأن المسيح سوف ينزل فى أخر الزمان ويسجد لمحمد ....."، أشرت بيدى (كفا) وسألته فى استنكار "أهذا الكلام قلته فى الفصل؟! "فهز رأسه كالذى يطرب لحديث قائلا فى تعجب:"يقولون أنك قلته"، بدأ صوتى يعلو وسألته مندهشا "من الذى قال؟!".. "العيال المسيحيين فى فصل أولى سادس، "ومن الذى كتب هذه الورقة؟".. "أولياء الأمور ويريدون أن يرفعوا الأمر لـ(جهاز أمن الدولة)"..

البقية الأسبوع القادم.. إن شاء الله
      
نشر بجريدة الأهرام يوم الثلاثاء 29 أبريل 2013

http://www.ahram.org.eg/NewsQ/207240.aspx


مدرس الخصوص.. والفتنة النائمة (2)

بقلم: على جاد


فى مقال الاسبوع الماضى حاولت أن أضع مقدمة منطقية لما سأتحدث فيه بعد ذلك، وكان لابد من شرح الظروف التى جعلتنى أعمل فى مدرسة الخصوص وأسكن فى (حارة المسجد الكبير، عطفة المشد) وسط منطقة الخصوص، وما كتبته حقيقة أنقلها بأمانة للقارئ، حتى وإن كانت هذه الحقيقة صادمة أو مزعجة، فالمشكلات لا تحل إلا بالمواجهة وحيادية النقل والتناول الصحيح للحلول المطروحة.

فقد صدمنى تعليق الدكتور (بطرس الجاولى) على المقال السابق، ولفت انتباهى إلى مشكلة نظنها هينة، وهى التفرقة بين تلاميذ المدارس أثناء حصة التربية الدينية، وما لهذه التفرقة من أثر نفسى سيئ يلازم الإنسان طوال حياته، اقرأوا التعليق رقم (1) فى المقال السابق، ولو أننى كنت أتمنى نشره اليوم، لكن التزما بإكمال ما بدأته سأتحدث عن باقى الحكاية أولا.

كانت الحصة التى اجتمع فيها التلاميذ العشرة يوم الأربعاء الموافق 17 مارس 2004 هى بداية الفتنة، ولم أعرف ذلك إلا فى اليوم التالى عندما دخلت المدرسة باكرا، وكنت حريصا على حضور طابور الصباح لأقف خلف الطالب الذى يقرأ القرآن الكريم فى الإذاعة المدرسية لرده حينما يخطئ، بعدها أسير بين التلاميذ الذين أصبح بينى وبينهم ألفة ومحبة واحترام، ليس لتلك العصا التى فى يدى بل لشخصى الذى نال احترامهم.

بعد انتهاء الطابور قابلنى الأستاذ أحمد محمد (مدرس مادة الانجليزى)، كانت ملامح وجهه تحمل غضبا لم أعتده منه ولم أره من قبل، سألته عن السبب فقال (إيه اللى قلته فى فصل أولى سادس امبارح فى حصة الدين؟!)، تعجبت من غضبه (ما الذى قلته؟!)، اقترب منى أكثر وهمس فى أذنى (العيال المسيحيين بيقولوا إنك تعيب فى دينهم، وتقول إن سيدنا عيسى سوف يسجد لسيدنا محمد، وإن باقى الفصل من العيال المسلمين ضحكوا عليهم).

ابتعد خطوة للوراء وزادت نبرة صوته حدة (انت كده يا أستاذ على سوف تلقى بنفسك فى الهلاك وتسير فى طريق لن تستطيع تحمل عواقبه)، ثم اقترب منى ثانية هامسا (العيال أكدوا لى أن أولياء أمورهم سيرفعون الأمر للكنيسة وأنهم سيبلغون عنك أمن الدولة، وكتبوا مذكرة يتهمونك فيها بأنك تزدرى الأديان وتحرض على فتنة طائفية بين المسلمين والمسيحيين).

تمركزت عيناى فى رأسى دهشة وذهولا مما سمعته، للوهلة الأولى شعرت بالخوف من هذا الحديث؛ لأنى وحيدا فى هذه البلدة لا عائلة ولا أقارب ولا أصدقاء، لكن سرعان ما تبدل الخوف إلى شجاعة وهمة وتحدى، ليس لأنى فتوة أو قريبى اللواء فلان أو علان، ولكن لأن ما قيل أكذوبة مختلقة من العيال ومسكوا فيها الكبار، وبدأت أسمع التهديدات من زملائى المدرسين، وكان زعيمهم فى هذا الموقف الأستاذ عيد نسيم (مدرس الرياضة)، والأستاذ هانى قدوس (مدرس الدراسات).

البقية الأسبوع القادم.. إن شاء الله

نشر بجريدة الأهرام يوم الثلاثاء 23 أبريل 2013

http://www.ahram.org.eg/NewsQ/206098.aspx

مدرس الخصوص.. والفتنة النائمة (1)

بقلم: على جاد


لم أكن أفكر فى نشر هذه الحكاية وقد مر عليها ما يقرب من 9 سنوات، لكن أحداث الخصوص الأخيرة جعلتنى أقلب البيت رأسا على عقب بحثا عن (الأجندة السوداء) التى صحبتنى فى تلك الفترة، أدون بها بعض الملاحظات عن الحياة والبشر، وأحيانا كنت أدس بين صفحاتها شيئا من مذكراتى الشخصية.. فما أجمل أن تخاطب الورق وتصاحب القلم لتبث همومك وأوجاعك دون انتظار رد أو مشورة أو لوم.. أنت فقط تسجل أحداثا قد لا يقرأها غيرك، ربما فى يوم ما تعود إليها وتجد حنينا لتذكرها أو إحساسا بالسخرية من لعبة الأيام مع البشر.

وجدت (الأجندة السوداء) بعد عناء من البحث وصراخ وتوسلات زوجتى بأن أعيد ما (كركبته) لمكانه، لكنى لم أفعل.. حملت الأجندة بين يديى وسرت بتؤدة وكأنى أحمل رضيعا أهدهده وأتأمل ملامحه.. كانت عيناي تلتهم الورق وتدقق فى سطور الحبر الباهت بشغف بحثا عما كتبته عن (الفتنة) التى عشتها فى مدينة الخصوص يوم الخميس الموافق 18 مارس 2004(هكذا سجلت التاريخ واليوم فى الأجندة) وكنت طرفا أساسيا فيها بل كنت من أيقظها دون قصد.

بدأت الحكاية بالبحث عن عمل.. طفت فيه كل الصحف المصرية، الكل رحب، ليس لموهبتى الفذة فى الكتابة، لكن لأنهم لا يعطون أى فلوس؛ بمعنى (أهلا بك للتدريب بدون مقابل)، وكان ذلك صعبا بالنسبة لى، حيث تركت بلدتى وأتيت إلى القاهرة سعيا وراء حلم العمل فى بلاط صاحبة الجلالة.

وبعد أن فقدت الأمل فى أن أجد عملا بمقابل فى الصحافة لم أجد أمامى إلا البحث فى وزارة التربية والتعليم، ومن إدارة لإدارة رمانى القدر فى (مدرسة الأمير الإعدادية بنين بالخصوص) أعمل مدرسا بالحصة، كانت الحصة وقتها بـ 175 قرشا.. أظل 45 دقيقة (أبح) فى صوتى شرحا للعيال؛ ولأن مدير المدرسة يعرف أن مدرسى الحصة (غلابة) كان يعطينى 6 حصص فى اليوم.. وأخر اليوم الدراسى أعطى درسا خصوصيا فى مجموعات التقوية التى كانت تنظمها المدرسة.

كان فصل 1/6 (أولى سادس)هو الفصل الأساسى فى جدول حصصى، أعطيه حصة اللغة العربية كل يوم وحصتى التربية الدينية أسبوعيا، وكان به 40 طالبا منهم عشرة طلاب مسيحيين، وكان من المتبع فى حصة التربية الدينية أن يخير الطلاب المسيحيون بين الحضور أو الذهاب إلى فناء المدرسة، وكنت بدورى قبل بداية حصة الدين أترك باب الفصل مفتوحا ليخرج من يريد الخروج، وكانوا جميعا يخرجون، وفى ذات يوم خرج 6 طلاب وبقى 4، فقلت لهم: (حابين تحضروا الحصة) فأجابونى بـ(نعم) وتكرر هذا الموقف أكثر من مرة، وفى إحدى المرات وجدت الطلاب العشرة يحضرون الحصة جميعا.. وبعدها وقعت الفتنة.

البقية الأسبوع القادم.. إن شاء الله

نشر بجريدة الأهرام يوم الثلاثاء 15 أبريل 2013

http://www.ahram.org.eg/NewsQ/204591.aspx

قائمة المدونات الإلكترونية